• الرئيسية
  • قصة قصيرة
  • ادب عربى وعالمى
  • رجيم وصحة
  • سياسة الخصوصية
  • تواصل معنا
  • النهاية المريعة لــعلي الدليوي ..فارس أولاد عيّـــار


    سبق و أن تحدثت في تدوينة سابقة عن كرامات علي الدليوي فارس أولاد عيّارحيث أنه كثيرا ما إعتمد على الحدس و الفطنة لإستباق الآخر و الإنتصار عليه و قد كثرت حروبه و غزواته و فاتت مكانه و عرشه لتبث الرعب و الخوف في أعدائه و أنصاره ، فقلما تجد أحدا يجمع بين الفروسية و الإقدام و قيادة المعارك و الحدس الثاقب مما يشبه النبوؤة و الشعر و حب النساء و التدين و غيرته و حبه لقومه...نعم لقد إجتمعت كل هذه الصفات في رجل واحد الشيء الذي حوله الى أسطورة تتداولها الألسن في كل جهات الشمال الغربي و الوسط والوسط الشرقي.
    لكن النهاية الأليمة لعلي الدليوي جعلت من الإخبارو وصف الرجل حرجا كبيرا سواء لقومه "أولاد عيّار" أو لقاتليه "زلاص" أو جلاص كما تحلو التسمية للبعض، ذلك ان حتى موته الذي كان فيه الكثير من التشفي ترك جرحا عميقا لدى أعدائه و لدى "أولاد عيار حيث يتجنب "العيّاري" و "الزلاصي" او الجلاصي الحديث عن فارس طالما ملأ الدنيا جدلا و صخبا و حروبا ؟؟؟؟ و الحقيقة ان سبب ذلك هو ما اشتهر من قصيدته الأخيرة التي قالها و هو ينتظر الموت على أيادي نساء من "زلاص" . لكن كيف علم علي الدليوي بالنهاية و كيف أعدّ نفسه ولم يحاول حتى القتال و الدفاع و إنقاذ حياته من موت محقّق ؟؟؟

    تقول الأسطورة أن عليّ الدليوي ربط علاقة صداقة حميمة بالولي الصالح و الشيخ المتصوف "سيدي عمر عبادة" ساكن القيروان التي مثلها مثل الحمادة و التي يكثر فيها الأولياء الصالحين و ذوي الميولات الدينية و التصّوف وكان سيدي عمر عبادة حدّاذا ماهرا يقتات من عمل يديه و لا يقبل بعيش على الصدقات و ذو أنفة و صيت ولا يقبل بالظلم مهما كان مأتاه ، و روي عنه أن من كراماته معالجة الحديد باردا وقدرة أصابعه على قطع السلاسل و كل أصناف المعادن ، حتى انه قيل ان أحد البايات إعتقله لرفضه الولاء و تعريضه بالظلم و الحيف الذي يرتكبه هذا الحاكم ، فلما إعتقله و أودعه سجن الكراكة بحلق الوادي كان الحارس يشد وثاقه بالسلاسل لكن كل صباح يجد سيدي عمر عبادة طليقا و مقطع السلاسل التي تحيط بمعصميه و رجليه و باب السجن مفتوحا ، وقيل في روايات أخرى ان هناك من رآه بدكانه في القيروان ...المهم ان الخيال الشعبي كان واسعا لوصف كرامات سيدي عمر عبادة ، و لا تزال بعض القطع و السيوف الكبيرة الحجم و الغريبة الصنع موجودة الى يومنا هذا بجامع السيوفة بالقيروان.

    قلت كان علي الدليوي يتردد على سيدي عمر عبادة و يشاطره الشعر و كل أصناف الأدب و الغناء و التغزل بالنساء و الأكثار في وصف غرام نساء جلاص به و قدرته العجيبة على الإطاحة بهن في شباك غرامه ، الشيء الذي أغضب سيدي عمر عبادة فدعى عليه
    و قال له :سوف تموت وحيدا أرمدا ومحترقا بالنار ....

    سمع أهالي القيروان و أهالي أولاد عيار بغضب سيدي عمر عبادة و الدعاء عليه ، فعرفوا ان نهايته ستكون قريبة و مأكدة . إنتبه علي الدليوي لدعاء صديقه عليه فقفل راجعا لمكثر ، لطلب دعم أهله هناك و مساعدته في النجاة و تكذيب حدس عمر عبادة في نهايته ، و عده أهله أولاد عيار بذلك و بالوقوف معه في وجه عرش زلاص كما كانت العادة ، ولما علم علي الدليوي بقدوم مجموعة لقتله من زلاص اتفق و عرشه للخروج لقتال هذه المجموعة و تم الإتفاق على اللقاء و التجمّع في الغد في مكان معين جنوب مكثر ...وفي الغد انتظر على صحبة خادمه قدوم أهله لشد أزره لكن هيهات فقد أخلوا بالوعد و غدروا به .

    في اليوم الموالي أحس علي الدليوي بمرض ألم به أصاب عينيه و جعله غير قادر على النظر ، فعرف أنه الرمد الذي حرمه حتي رؤية الطريق أو رؤية العدوّ. حين ذلك عرف ان حدس سيدي عمر عبادة ثبت و انه ميت لا محالة ، فنادى على خادمه و أمره بالرجوع بحصانه لمكثر و رعايته و عدم تسليمه لآي كان و أعتقه ومكنه و من المال الذي كان معه و حمله قصيدة كانت فخرا له و معرّة و ذلا لأهله و لجلاص قاتليه...
    حيث تقول بعض أبياتها التي حفظتها عن والدي رحمه الله :


    أوْلادْ عيّارْ تمنيتكم هــوشْ *** ما يجيبكم من النيفْ شـعـْرهْ
    ترْضُوْ عليّ راكب الصوشْ *** صيدْ الخنق ليهْ وهْــــــــــرهْ
    قتـلوهْ ذبّاحة اللـّــــــــــوش *** وسلْخوهْ في مثل بــقـــــــرهْ

    .....وفي النهاية يقول:

    وهذا حصاني ما ترْكضوشْ *** مشيهْ عقبة و حدْرهْ
    و اللي يعرضك ما تكلموشْ *** سيفو يقسم الحجـــرهْ
    أخطاك ما تعرفـــــــــــوشْ *** واياكْ تجيبك النغــرهْ

    الى آخرها حيث يقول ترتيبا :
    "أولاد عيار " انكم أمثال البهائم ... لاتملكون اية أنفة(النيف)
    رضيتم ان بموت "علي" الفارس العنيد ...أسد الجبال و صاجب الصيت و الوقار
    قتله أكلة "الهندي"ثمر الصبار ... و سلخوه مثل البقرة
    و في الأخير يوصي خادمه خيرا بالحصان و بنفسه و يامره ان لا يحارب أحدا في طريقه حتى و إن راى من يحمل سيفا لقتله.....

    لقد أصبحت هذه القصيدة و جها من أوجه الحديث عن غدر الأهل و جبن العدو الذي يقتل رجلا و حيدا و أرمدا و بدون جيش معه، فتجنّب ذكرها أولاد عيار لأنها تعرض بهم و بغدرهم كما تجنب ذكرها جلاص لأن قتل على الدليوي و هو ليس في وضع قتالي دليل على "جبنهم" و وقع اتفاق غير علني بينهما على ردم هذه الأسطورة و تجنب الحديث فيها...

    و قد قتل على الدليوي من طرف مجموعة من نساء زلاص و تم سلخه و حرقه نكاية فيه و للتعريض بشرفهن بين العروش و القبائل....



    التعليقات
    13 التعليقات

    مدون بلوجر

    المشاركات الشائعة