• الرئيسية
  • قصة قصيرة
  • ادب عربى وعالمى
  • رجيم وصحة
  • سياسة الخصوصية
  • تواصل معنا
  • سي ابراهيم المؤدب ( المدّب)


    سي ابراهيم المدّب رجل قارب الخمسين من العمر وقتها هو ابن عمتها و ترْبها و الوحيد الذي أشترك كل الإخوة في تدريسه بإحدى الكتاتيب ، و قد كلّفهم ذلك الكثير من المال الجهد ، لأنه يجب ان يكون في العائلة من يحفظ القرآن و يفقه في الدين ، ويعلم الصبيان في يوم من الأيام ككل العائلات الأخرى و بذلك يكون فخر أولاد سالم ، حتى لا يقال انهم جهلة و عاجزين على ان يكون أحدهم مؤدبا للصبيان ككل العائلات الأخرى ، لذلك كان الوحيد الذي لا يكلّف بالأشغال الفلاحية و لا بالرّعي ولا بجلب الماء من البئر ، فقد كان كل وقته مخصصا للدراسة و حفظ القرآن و التفقه في الدين.
    حفظ سي ابراهيم القرآن كاملا قبل وصول السابعة عشر من العمر و حصل على رتبة المدّب ثم سيدي الشيخ قبل العشرين و و قع تكليفه بالتدريس و بني له كتاب سموه كتّاب اولاد سالم و لبس أحسن الملابس البيضاء التي تدل على علمه و فقهه و وقع تزويجة من أجمل إمرأة فهو فخر أولاد سالم فكان رمزا للطيبة و التسامح و التواضع و كان خدوما بشوشا الى ان جاء يوم آخر....
    في بداية السبعينات ، خرجت فئة جديدة من المتدينين ، مدعومة من أطراف في السلطة ، انخرط سي ابراهيم فيها و أصبح أحد رموزها ، تبدّلت طباعه ، و أصبح مكفهرّ الوجه و عبوسا و أطال لحيته و طبع جبينه بسواد دائري تحت عمامته...أصبح يتحدث كثيرا عن العقاب و الثواب و المجتمع الكافر و المسلم و إصلاح الثلث بقتل الثلثين ؟؟؟
    و الويل والثبور و عظائم الأمور...
    لم يعد سي أبراهيم الذي تعرفه أبنة عمته التي طالما إفتخرت به أمام أهل زوجها فهو مثالها الأعلى قي العلم و الإخلاق و التسامح..حتى جاء اليوم الذي قدم فيه سي ابراهيم ضيفا على زوجها ، و كم كانت فرحتها كبيرة بإبن عمتها الذي لم تره منذ زواجها الآّ نادرا و بعد سنين ، يومها طبخت أحسن المآكل و أعدت مائدة تليق بقيمة الضيف المبجل و جلست تتنتظر قدوم ابن عمتها و ضيف زوجها .
    دقّ الباب ، حمحم سي ابراهيم
    ليعلن قدومه نادى زوجها : فلانة يا فلانة هاهو ضيفنا قدم ، نهضت مسرعة لتسلم عليه ، فرأت منديلا أبيض يغطي يديه؟؟؟ مدت يدها لتصافحه ،تلكّأ سي أبراهيم قي مدّ يده و تردّد كثيرا ثم عزف عن مصافحتها، سألته بكل براءة : مالك يا سي إبراهيم ؟؟ أيداك مريضتان ؟؟ لماذا تغطيهما بمنديل ؟؟؟ الله لا يوريك مكروه ، إن شاء الله برءا سريعا ...إجلس تفظل ...و ذهبت مسرعة للمطبخ لإحضار المأكل و المشرب..ألتحق بها إبنها و نادها جانبا قائلا لها:
    - سي إبراهيم ليس مريضا و وهو في حالة صحية حسنة.

    أجابته أمه:
    - لكن لماذا يغطي يداه و تظاهر بالمرض ، أنا أعرف سي إبراهيم فإنه لا يكذب أبدا
    .
    رد الإبن قائلا:
    - سي ابراهيم يعتبرك عورة و عليه فهو لم يمد يده حتى لا ينقض وضوءه فمصافحة المراة حرام و منقض للوضوء...ووو....
    أحست بدوار و بشعور بالدونية و تألمت لتغير سي ابراهيم فلم يكن كذلك فقد لبسه الشيطان و العياذ بالله . نادت إبنها طلبت منه ان أن يقوم مقامها بوضع الطعام على المائدة امام الضيف ومن يومها أقسمت قسما غليظا أن لا تسلم عليه و ان لا تنظر إليه ، وطلبت من زوجها و أن لا يستدعيه ثانية للمنزل ثم انه لو صادف وان ماتت قبل موت إبراهيم المدب/الشيطان ان لا يقرأ في مأتمها أي شئ مما حمل في صدره بل وان لا يقف على نعشها و إلاّ لن تسامحهم أمام الله... و من يومها لم تره و تبدّلت صورته تماما من سي ابراهيم المدب الى إبراهيم الشيطان.

    التعليقات
    4 التعليقات

    مدون بلوجر

    المشاركات الشائعة