• الرئيسية
  • قصة قصيرة
  • ادب عربى وعالمى
  • رجيم وصحة
  • سياسة الخصوصية
  • تواصل معنا
  • زواج كما أريد له - 3-

    أخذ أبي مكانه بالبيت الكبيرة بينما دخلت الضيفة بيت البنات و جلست إلي جانبها أختايا وفي ذات الوقت شرعت أمي في إحضار الفطور لي و للضيفة على نفس المائدة و هي "صفرة" زرقاء اللون مستطيلة الشكل عليها بعض الرسوم الملونة و قد كتب في ركن من أركانها "باسم الله " ثم تحتها بالظبط كلمة بالشفاء و كانت أمي تضع هذه الصفرة عند قدوم الضيوف بينما تستعمل صفرة مستديرة الشكل و غير ملونة و قديمة نوعا مّا عندما لا يكون بيننا ضيوف ، وبعدها ناولت أبي فطوره على تلك المائدة المستديرة بينما وضعت برّاد التاي على الكانون قصد تسخينه لتقديمه مباشرة بعد الطعام.
    بعد الفطور نادي أبي أمّي و أمرها بإكرام وفادة الضيفة و النظر إن كانت تحتاج شيئا خاصا يتعلق بالبيت أو بأمور النساء فردّت أمي بأن كل شئ على أحسن ما يرام ما عدى الحنّاء التي لا تكفي الضيفة و البنات و أردفت أنها ستتدبر أمرها مع الجارات في الدوّار إن أمكن و إن كان لا فستكتفي بوضع الحناء للضيفة و أختي الصغيرة ...
    بعد تلقت أمي التعليمات من أبي ، خرجت من البيت الكبير ثم نادتني سرّا ، لتلقي عليا وابلا من الأسئلة حول المرأة و اسمها و كيف وجدناها و من أين و ماذا سيفعل أبي في شأنها و كم ستبقى عندنا من يوم ، أجبت على الأسئلة التي أعرفها و قلت لها أنني لا أعلم بالظبط كم ستبقى و ماذا سيفعل أبي في شأنها.
    تجاذبت أمي و الضيفة أطراف الحديث و أخضعتها أمي بدورها لتحقيق بوليسي ، حتى تتأكد منها ، و كانت المرأة تجيب على أسئلة أمي دون وجل أو تردّد، و بعد أن شربتا كأسا أولى و ثانية من الشاي قالت لها أمي : ارتاحي قليلا أنت متعبة أما أنا فسأذهب لبيت الطبخ لأحضار مستلزمات العشاء و قضاء بعض الشؤون المنزلية و حلب البقرات قبل تسريحهم للمرجى. في الحقيقة كانت أمي تودّ ترك المرأة لتأخذ نصيبا من النوم لعلمها بتعبها و للإرهاق البادي عليها...و قد تكفلت أختي الكبيرة بجلب الماء من البئر و كنس كامل الحوش ودوائر المنزل و إحضار الخضر التي سوف تستعملها أمي لطبخ الكسكسي للعشاء الذي هو عادة كل يوم سوق أسبوعية و هذه العادة لا تتعلّق بعائلتنا فقط بل بكل العائلات المجاورة بل قل بكل سكان الجهة تقريبا ، فقليل من السلاطة و مثرد كبير من الكسكسي يعلوه اللحم وكل أنواع الخضر في الشتاء أو بعض القرع الأحمر و الحمّص و الزبيب صيفا و كأسا من الشاي الأحمر هو العشاء المثالي و الألذّ لكلّ سكان الجهة...
    بعد قرابة الساعتين إستفاقت المرأة ربح من نومها العميق ، قامت من مكانها ثم لبست نعلين و نادت أمي : يا فلانة ...يا فلانة
    أجابت أمي : نعم ...ثم قدمت مسرعة إليها قائلة : صحّة النّوم ، عل أرتحت قليلا أم طار النوم من وقع المهراس ؟؟؟ المعذرة لقد نسيت أنك نائمة... أجابت المرأة : لا أبدا كفي من النوم ما زال أمامنا الليل سننام بما فيه الكفاية ، إنني أشعر بالقلق و الضجر لأنني لست متعوّدة على عدم الحركة و الشغل ، إنني أجد راحتي في فعل أيّ شيء مّا، الحركة كما تعلمين بركة. أجابت أمي لا يعقل أنت ضيفة الله في بيتنا ماذا يقول الناس لو تفطنوا أننا نتعب ضيفتنا ؟؟ بالله عليك إجلسي مكانك و إن كان على الضجرسأفتح لك الرديون ، ثم إلتتفت الي أختي تأمرها بجلب الراديو من البيت الكبير بحكم أن الرايون لا يخرج من بيت السيد الوالد إلاّ سرّا و خفية و بعد عناء إستشارته
    حتى لا يتعطّب أو تفرغ شحنة البطارية . أجابت المرأة : جيتك بجاه رجال حمادة و سيدي فلان و سيدي فلان أن تتركيني و تمكنيني من إعانتك في المطبخ و حلب البقرات و إلاّ سوف يغضب عنك أولياء الله ...كانت ربح تحفظ الكثير من أسماء الأولياء و كراماتهم و قدرتهم على النفع و المضرّة . في النهاية قبلت أمي مساعدة ربح لها في شؤون المنزل خوفا من غضبها إن رفضت و كذلك خوفا من غضب أولياء الله...
    دخلت المرأة في حياة العائلة منذ مرور بعض الساعات ، و كانت إمرأة تلقائية ، غير معقّدة سهلة المعشر و السلوك، تتصرّف و كأنها أحد أفراد الأسرة و دخلت معمعة الشؤون المنزلية من الباب الكبير و قد إشترطت أمي عليها أن لا تخرج من الحوش حتى لا يراها الجيران و هي تساعدها فينتقصون من شأنها و قد يعيرونها بهذا..إمتثلت المرأة لأوامر أمي و لم تخرج من باب "الحوش "أبدا ...
    وعند قدوم الليل كان كل شيء جاهز تقريبا ،العشاء ، حلب البقرات، الحنّاء، الفنار و "القازة" مشتعلان ، و عند رجوع أبي من بيت" الضياف" و هو بيت خارجي بناه أبنا ء كل أهل"الدوّار" للسهر فيه ليلا و ليبيت فية عابرو السبيل و لتدريس القرآن من طرف المِؤدب كل صباحا أيام العطل الصيفة و الأحاد و العطل الصغيرة الأخرى،قلت عاد أبي للبيت و دخل الحوش بعد أطلق نحنحة العادة كإعلان لقدومه و الدعوة للإنضباط ، دخل أبي البيت الكبير و ناولته أمي عشاءه دون أن تنسى فتح الراديو و إحضار الشاي ...بينما جلست ربح في بيت البنات و وضعت "الصفرة" الزرقاء أستعدادا للعشاء و بعدها لحصة الحنّاء بعد أن أحضرت أمي بعض الخرق من الكتّان التي تتحتفظ بها لكل حصّة حنّاء و بعدها تغسلها و تحتفظ بها ثانية ...
    أخذني مرّة أخرى هاجس الصرّة وما قد يكون فيها بينما لم يكترث أحد من العائلة لهذا الأمر ، بعد العشاء و قع ترتيب بيت البنات ثانية و و غسل الأواني ، ثم بدأت حصة الشاي و الحنّاء ، أمرتني أمي أن أخرج لبيت الأولاد حتّى تكون و ضيفها و البنات في راحة تامّة لكنني رفضت و آثرت البقاء معهم لمعرفة سرّ "الصرّة" و مزيدا من أخبار المرأة ، ثم أن النوم جفى عيوني من الخوف فكيف ستتصرّف المرأة في هذا الليل عند إطفاء "القازة" و الفنار، كيف سيكون تصرّفها هل ستبقى إمرأة مسالمة و ديعة كما رأيت أم أنها ستتحوّل لوحش ضاري ؟؟؟؟يا الله كيف لم يحاول أي لأحد من أفراد العائلة معرفة ما في "الصرّة" و تفتيشها تفتيشا دقيقا ؟؟ عند هذا الحد من الخوف و التساءل قررّت في قرارة نفسي أن لا أنام الليلة و أن أجهّز نفسي لمراقبة المرأة و تتبّع حركاتها و سكناتها حتى أنبه العائلة لكل حركة مريبة تصدر عنها ، سوف لن أخبر أي احد من العائلة بهذا القرار حتى لا يقع زجري و تصدر في حقّي أوامر النوم القسري من السيد الوالد رحمه الله و حتى لا يخذني النوم عن حين غرة كنت اظطرّ لغسل و جهي بعد كل ساعة تقريبا لطرد حالة النعاس من جفوني و لإثبات ان هذا النوم المزعج لن يغلبني .....
    وضعت أمي إناء الحنا ء على فراش ارضي و أمرت "ربح" أن تمدّ يدها اليمنى لكي تبدأ بنقشها بالحناء ثم بعدها يدها اليسرى فقدمها اليمني و بعدها كذلك اليسرى، لأن أمي تعتقد إعتقادا جازما أن فاطمة بنت الرسول كانت تحنّي بهذه الطريقة و بهذا النظام الصارم و أنه من الحرام نبدأ بنقش اليسرى قبل اليمنى، و إلا سوف تغضب فاطمة في قبرها ، بينما عدت لتجسّس الصرّة خلسة بعد أن غرقوا في الحديث عن منافع الحناء و أولياء الله الصالحين..

    التعليقات
    3 التعليقات

    مدون بلوجر

    المشاركات الشائعة