• الرئيسية
  • قصة قصيرة
  • ادب عربى وعالمى
  • رجيم وصحة
  • سياسة الخصوصية
  • تواصل معنا
  • زواج كما أريد له - 7 -

    أظنّ أن لا أحد مناّ نام ليلته هادئا مطمئنا تلك اللّيلة ، ففي العائلة لا يعلم قصة المرأة إلاّ نحن ثلاثتنا ، أبي و أمي و أنا ، لكنّ أبي لا يعلم أننا على علم بحكاية ما يعتقده الناس حولنا في الدوّار فيما يخصّ المرأة، و أظنّ أنّ أبي لم ينم ليلته تلك، فقد كنت أسمع وقع أقدامه في ساحة الحوش كلما نبح كلب من كلاب الدوّار ، قد يكون الشكّ تسرّب إليه و بدأ في إزعاجه، و هل يعقل أن يكون الوحيد الذي لا يرى أيّ شر في عيون المرأة؟؟ سؤال تبادر الي ذهني ألف مرّة ، لكن ثقتي في حدس أبي كانت كبيرة ، فلا أحد من أهالي الدوّار يضاهيه ذكاء و فهما لخفايا الناس ، فعلاقاته الواسعة و كثرة تجواله و عمله السابق كتاجر للمواشي ، أكسبه خبرة ، و جعله أكثر تفتحا على الغريب و أكثر أندماجا في الناس، رغم سرعة الغضب التي تفسد بعض علاقاته فقد كان يتلافي ما يفسده بأصلاح خطئه بما يلزم من الحنكة التي يكتسبها التجار عموما. لم أستطع مغالبة النّوم فقد أخذتي غفوته لكنه كان نوما متقطّعا مليئا بلأحلام المزعجة ، فتارة أري أن المرأة قتلت أختي ثم هربت، و طورا أرى لصوص المواشي أقتحموا "الرتعة" و أخذوا كلّ ما فيها، ثم تعيد الأحلام فأرى أن أبي أطلق النار على أحد اللصوص فقتله و أن هذا اللص له وجه مخيف و عينا عوراء و لحية كثّاء و أنيابه كالذئب، ثم أرى مصطفي يدّعي أنّ أبي قتله ظلما و أنه سوف يخبر الحاكم ليسْجن أبي...
    قمت في الصباح باكرا على غير عادتي رغم رغبتي الشديدة للنّوم ، فوجدت أن أبي ذهب للعمل بالتعاضدية الفلاحية و أنّ أمي ، تقوم بشؤون المنزل و قد حلبت البقرات ، وأعدت " الشكوة" و ما يلزم لخضّ الحليب الرائب ، و استخراج الزبدة و اللبن، فتبادر لذهني أن أسأل أمي لماذا طلب أبي علبة الخراطيش و أعدّ البندقية على غير عادته ، لكن لما هممت بالسؤال أمرتني أن أسكت بأن وضعت يدها على فمي بحركة سريعة قائلة : أسسسسْ....كتْ.بعها نهضت المرأة من النوم فناولتها أمي فطور الصباح و كأسا من الشاي ثم سألتها: ماذا تريدين أن نطبخ هذا اليوم فقد خرج زوجي للعمل دون يترك أيّ توصية فيما يخص الفطور أو العشاء؟؟؟ أجابت المرأة : أي شيء يشتهيه زوجك ، لا يجب ان تقلقي من أجلي فأنا منكم و يسرني لو عاملتموني كفرد من العائلة . كانت أمي تتأمل المرأة و تختلس النظر إليها ، و كانت تراقب كل حركاتها و سكناتها ، و كأنها فقدت الإطمئنان إليها بسبب ما وقع البارحة بعد كانت مرتاحة إليها ...
    عاد أبي من العمل ، ناولته أمي فطوره و كأسا من اشاي ، ثم ذهب اليى فراشه فنام . أمرتنا أمي بالتزام الهدوء وعدم اللعب او الصياح حتى يأخذ أبي قسطا من الرّاحة و هي التي تعلم أنه لم ينم ليلته كلها. ساد الهدوء الذي لم يقطعة إلا أصوات الحيوانات و بعض الطيور التي هي على ملكنا، لما نهض أبي من نومه نادى أمي، و أعاد طلبه بأن تكرم المرأة و تحسن وفادتها و أن لا تكترث لو سمعت عنها حديثا أو أمرا قد يزعجها، فتظاهرت أمي بعدم الفهم و بأنّها لم تسمع عنها شيئا و سألته : ماذا يقولون عن الضيفة ؟؟ صمت أبي قليلا و كأنه أراد أن يخبر أمي بحقيقة ما يتردّد من حكايات أهالي الدوار حتى لا تكترث لكلامهم وقال: إن الكلب مصطفي و العمدة ، يعتقدان أن " ربح " قد تكون عينا للصوص المواشي أو قاتلة و مجرمة ، و لذلك ناداني بوبكر البارحة ، حتى أطمئنهم و أزيل عنهم الخوف و الشكّ، اسمعي ستبقى المرأة عندنا حتى يأتي أهلها فنسلمها إليهم ، سوف يأتون في أسبوع أو أسبوعين على أكثر تقدير و إن لم يأتوا سوف آخذها بنفسي إليهم ، سوف أوصي إليهم بعض تجّار المواشي الذين أعرفهم من جهة مكثر و الروحية ليبلغوهم بمكانها.
    يوم السّوق الأسبوعية الموالي قصد أبي سوق المواشي و لا أعرف إن كان وجد التجّار الذين يعرفهم أم لا، لكنه قضّى صباحه كاملا بسوق المواشي و لم يقتني حاجيات الدار و ما نستحقه إلاّ مع منتصف النهار تقريبا ، فقد كنت أنتظره قرب مربض الحمير حتى قدم و بدأ باقتناء لوزام البيت و ما قد تكون أوصته أمي لشرائه ، ثم ذهب لبائع الأقمشة و لوازم النساء و اشترى كساء نسائيا للضيفة و لأمي بنفس الشكل و بنفس اللون و نعلين و أشياء أخرى. عدنا للبيت كعادتنا أنا أركب الحمار و قد و ضعت المقتنيات ب" الزنبيل" و أبي يتبعني على بعد أمتار على قدميه.
    لما وصلنا الى المنزل ، أفرغنا حمولة الحمار ، ثم نادى أبي أمي و سلمها مقتنيات اللباس النسائي و النعال ثم أمرها أن تقتسمها مع الضيفة و أن ترتّب حالها و هندامها ، فقد يأتي أهلها على حين غرّة فيجدوها في أحسن حال ثم أردف أبي قائلا : قولي لها لقد أوصيت كل تجار مواشي جهتها لإعلام أهلها بمكانها و عليها أن تنتظر حتّى يأتوها . نفّذت أمي أوامر أبي بحذافرها ، بينما بقينا ننتظر قدوم أهلها كل يوم و مساء و كل يوم كانت تزول دواعي الخوف من "ربح" خاصة و انها التزمت بكل النصائح و منها عدم التحدث كثيرا للجارات و عدم الخروج من الحوش مطلقا.
    مرّ الأسبوع الأوّل و الثاني ثمّ الثالث و لا أثر لأهل "ربح" و كنا كل يوم سوق أسبوعي نترقب أهلها قكانت أمي توضّب المنزل توضيبا خاصا استعدادا لقدومهم و تعد فطورا ثانيا للضيوف الذين قد يأتون إلينا و كانت " ربح" تترقب معنا على أحر من الجمر ، بل و تعدّ بنفسها فطور أخيها الذي قد يكون وجد حلا مع زوجته و تصالح معها و انتهت حكاية ذلك العجوز الذي يريد الزواج منها. و مع مرور الأسابيع تضاءل الأمل في قدوم أهلها و بدأت علامات اليأس تظهر من على وجه "ربح" رغم محاولة طمئنتها من باقي العائلة و التخفيف من ألمها ...
    ذات يوم عاد أبي كعادته من العمل ، ضاحكا مبتسما ، نظرت أمي إليه متسائلة عن سرّ انشراحة الواضح و الغير عادي ، فرد عليها أبي :ما حال ضيفتك ؟؟؟ قالت أمي :هي بكل خير فقط تتألم في بعض الفترات لعدم قدوم أخيها أو السؤال عليها. قال أبي : قولي لها ابشري و افرحي فقد فتح الله باب الفرج و ضحكت الدنيا في وجهها بعد طول جفاء ...
    يتبع.............

    التعليقات
    9 التعليقات

    مدون بلوجر

    المشاركات الشائعة