• الرئيسية
  • قصة قصيرة
  • ادب عربى وعالمى
  • رجيم وصحة
  • سياسة الخصوصية
  • تواصل معنا
  • زواج كما أريد له-12-

    لما عدنا للمنزل ليلا ذهب كلّ منا الى النوم بعد تعب و إرهاق دام الثلاثة أيّام ، وقبل النوم نظرت أمي الي أختايا وقالت : كم تركت "ربح" فراغا ؟؟ لقد أصبحت واحدة منّا ، لقد أحببتها كما لو كانت واحدة من أفراد العائلة،فبعد مدّة صغيرة دخلت قلبي ، ثم دمعت عيناها ، لقد همست لي إحدى جاراتي بأن أسرع بالتخلّص منها ، لآنّ " الرجال الزمان ما فيهمش أمان " فمن يدري ؟ نهرتها بشدّة و قلت لها يكفي وسواس النساء يا إمرأة الحمد لله أنها في بيتي . نمنا و في الصباح قمت طلبت من أمي أن أزور " ربح" فلعلها تحتاجنا في شيء ، أجابت أمي : لا..لا فائدة أعتقد أنها بكل خير فقد تعلمنا أن لا نزور بعد الزواج إلاّ بعد اليوم السابع . هكذا مرّت الأيام ، في اليوم السابع قدم حامد وزجته "ربح" سيرا على الأقدام لزيارتنا و كان حامد يحمل قفّة فيها بعض الغلال و الحلويات و البقول و" فولارة" كما تقتضي العادة كهدية لأمي ، كان حامد يمشي و ربح وراءه فلا يجب أن تسبق المرأة الرجل أو أن تسير الى جانبه حتى وهي راجعة لبيت أهلها بعد غياب الاّ إذا كانت "غضْـبانة" و أن فعلت ذلك حتى على حسن نية و دون قصد فهذا يعني انها لا تحترم زوجها ولا تعطيه حقّ قدره و تكون عرضة لغضب أهلها و أهل زوجها. لما وصل حامد أمام باب الحوش توقّف و أعطى القفّة ل "ربح" و قال أنه سيعود فيما بعد أي عند رجوع أبي من العمل فلا يعقل أن يدخل منزلا و صاحبه ليس موجودا فيه أي أبي ، دخلت ربح باب الحوش مسرعة وضعت القفة أرضا و عانقتنا فردا فردا و أشبعتنا قبلا و عناقا ثم دخلت مباشرة بيت البـنات و كأنها لم ترها منذ سنين و جلست أينما إعتادت الجلوس وعي تداعب أخواتي بكل لطف ورقّة ثم طلبت منّي تقريب القفّة و فتحتها وأهدت لأمي "الفولارة" بينما وزّعت علينا الحلوى بكل أنواعها التقليدية و المعملية و مدّت لأمي بقي في القفة و قالت هذا لك و لسيدي فلان و هي تقصد أبي و لكلّ العائلة مابقي من الحلويات تستطعين تفريقه على الجيران ، يوجد ما يكفي من الشاي الأخضر و الأحمر و توجد البقول تستطيعين إعداد الشاي للضيوف من الجارات و الجيران. كانت مسرورة جدا بزيارتنا في يومها السابع كعروسة لحامد و كنا ننتظرها على أحرّ من الجمر.بعد ساعة من الزمن بدأت الجارات في القدوم الواحدة تلو الأخرى للسلام على ربح و تهنئتها بالزواج ، و كانت ربح تقوم من مكانها كل ما قدمت إحداهنّ لعناقها و تقبيلها دون كلل او ملل ، و كنّ يسألنها حتى الإحراج عن حامد و عن أهله وعن عيشها بينهم و كانت تجيب بتلقاءيتها المعهودة و بابتسامتها التي يعلوها بعض الخجل إذا تعلّق الأمر بالحديث عن حامد و عن بعض خصوصياتها ، بينها تكفلت أختايا بتوزيع الشاي بنوعيه الأخضر و الأحمر كما طلبت ربح منّا.
    في المساء عاد أبي للمنزل فاعترضته ربح و سلمت عليه و جلس كعادته ببيته أصرّت ربح أن تحمل له الإبريق و الأنية " الليان" بنفسها و مدت له المنديل و الصابون المعطّر الذي كان تخبأه خصّيصا لأبي منذ قدومها من بيتها .سألها أبي عن صحتها و هل يضايقها شيء أو تريد منه أو من حامد شيء فردّت أنها بخير و أنها لا تحتاج شيئا إلاّ أن نزورها في بيتها في يوم يختاره أبي ، و يعلم به "مولى بيتها" ، فأشار أبي يرأسه بالموافقة و قبول الدعودة. بعد غروب الشمس قدم حامد و نبـّهنا إليه نباح الكلاب فخرج أبي لإستقباله أما باب الحوش و أدخله بيته ثم نادى أمي لتسلم عليه قائلا : هذا حامد لقد أصبح واحدا من العائلة ، سلّمي عليه ...صافحته أمّي قائلة مرحبا بك في بيتك. بعدها وضعت أمي العشاء على المائدة الزرقاء و الشاي وكل ما يحتاجه الضيف المبجّل فتعشّيا على صوت أخبار المذياع و المزاح بينما تناولت ربح العشاء في بيت البنات صحبتهنّ و معهنّ أمي التي كان يشغلها كانون الشاي و تفقده المستمر لتعديله ب"الحشيشة" أو السكّر أو الماء عند تبخّره الزائد . بعد العشاء و بعد أن طال السمر، أعدّ ابي الكاليس الذي هو على فكرة ملك عائلة العمدة و الذي تخلّى عنه بعد ان إقـتـنى كاليسا جديدا ، و قبل أن يركب حامد و ربح بقصد إيصالهما لبيتهما ذكـّرت ربح أبي بالدعوة للعشاء و أكّد أبي إستجابته و هنا همست ربح في أذن أمي يجب أن تتذكريني و أن لا تنسيني ، يمكن لك أن تبعثي بأحد الأولاد لزيارتي فطريق المدرسة يمرّ على بعد مئات الأمتار من بيتنا فردّت أمي: نعم.. نعم ..سوف يكون لك ذلك تأكدي أنني لن أنساك ، أبدا لن نساك " تنساك الموت ياربح" ثم ركبت الكاليس بجانب حامد و أبي وقصدت منزلها. بعد أسبوع تمّ إستدعاءنا كلنا للعشاء ببيت حامد و كانت الدعوة شيـّقة و مريحة ، و كانت مناسبة جميلة للتعرف أكثر على بيت حامد وربح و تجهيزات البيت و المطبخ و محتوياته، و قد وضعت ربح كل أصول معرفة الطبخ حتى نسرّ بلذة العشاء و حتى تتوطّد العلاقة و حتى تشعرنا أنها فردا منّا كما أردنا إشعارها بذلك .
    عاشت ربح سعيدة مكرّمة في بيت حامد و تتالت الزيارات المتبادلة من حين لأخر ، خاصة في المناسبات الدينية كعيد الإضحى و العيد الصغير و أوّل شهر رمضان و في الزّردة و كلما سنحت الفرصة . كانت "ربح " تتعرضني و أنا في الطريق اإلى المدرسة لتسلّم و تسأل عن أحوالنا و كانت تتفقدني و تحمل معها البيض المسلوق في أيام البرد ، و تتفقد ملابسي أن كانت مبتلّة بفعل الأمطار أم لا ، وإن كان كذلك تنزع عنّي " القشّابية " و تغير جواربي المبتلّة و تمسح جذائي من الطين العالق به و تناولني الحليب السخن ، كانت تعترضني تقريبا كل يوم ممطر أو مثلج و كانت في بعض الأحيان تمنعني من إكمال الطريق للمدرسة خوفا عليّ من حالة الطقس أو إن وجدت أن ثيابي مبتلّة بما سوف يعرضني للمرض، وكنت أعود معما لبيتها فتشعل نارا و تغسل أطرفي بالماء السخن حتى تخفّف عني ألم الصقيع و الورم الذي يحدثة في أصابعي ...
    مرّت سنتان أو أكثر على هذه الحالة كنت أزور فيها ربح كل يومين أو ثلاثة ، أحمل أشياء من بيتنا لبيتها و من بيتها لبيتنا و كنت رسولا بين أمي وربح في كل خصوصياتهما ، و كان حامد يحبّني بدوره كأحد أبناءه يفرح لرؤيتي و يهديني الحلوى بل ويكلفني في بعض الأحيان بشراء بعض المقتنيات المنزلية التي تحتاجها ربح . بعد هذه المدةّ السعيدة التي قضتها ربح و التي نسيت فيها تقريبا كل همومها القديمة ذهبت كعادتي لزيارة ربح في منزلها ، و لما وصلت لباب بيتها لم تتعترضني فرحة كعادتها بل أمرتني بفتح الباب وحدي فدفعت الباب بكلّ قوّة و دخلت بيتها فوجدها نائمة قي فـراشها فظننت لأوّل وهلـة أنها مريضة فليس من عادتها النوم الى هذا الوقت فهي إمرأة بكـّيرة و لا تحبذ النوم كثيرا، فسألتها : ما بك ربح هل أنت مريضة ؟؟؟ فنظرت إليّ وهي دامعة العينين وقالت : لا..
    - إذا مالك ؟؟ بالله أجيبيني ؟؟
    نظرت إليّ ثانية و هي تبكي يصوت عال و قالت :
    يتبع......




    التعليقات
    4 التعليقات

    مدون بلوجر

    المشاركات الشائعة