• الرئيسية
  • قصة قصيرة
  • ادب عربى وعالمى
  • رجيم وصحة
  • سياسة الخصوصية
  • تواصل معنا
  • زواج كما أريد له-13-

    - لقد تشاجرت البارحة مع حامد و قد ضربني ، لم أتصوّر أبدا أنّ حامد سيعنّفني ، لقد عاد على غير عادته و كان يفتعل المشكلة وراء الأخرى حتّى تشاجرنا ثمّ........، لم أكن أتصوّر أنّ حامد رجل عنيف ....
    في البداية لم أدري ماذا أفعل لمساعدة ربح أو التخفيف عنها و هي على تلك الحالة لكن فيما بعد شعرت بالغضب و رأيت أن ربح مظلومة و أن مثلها لا يستحقّ هذا ، ثم تصوّرت أنني رجل في سنّ حامد حتّى فأقوم بتأديبه بما يلزم و دارت كل الأفكار في رأسي حتى أثأر لربح من حامد و أهوّن عليها صدمتها ، ثمّ تراجعت الى الوراء ونظرت إليها بكل ودّ وقلت لها:
    - سوف أعلم أبي و أمّي بما فعله حامد و سوف يرى سوء فعله .
    ودون أن أنتظر إذنها في الخروج و إعلام والديّ بما صار أطبقت الباب ورائي و خرجت في سرعة البرق متجها لمنزلنا و لما وصلت ناديت أمّي مرتعشا و غاضبا وقلت دون تسلسل في معلوماتي : ربح تبكي - حامد ضرب ربح - ربح نائمة في فراشها - حامد ليس بالمنزل - ربح لم تفتح لي الباب - باب منزلها مقفل - دجاجاتها في القنّ دون ماء أو حبوب - ربح لم تفتح القنّ - ربح لم تطبخ فطورها - ربح تبكي وهي جائعة - لقد نامت دون عشاء - و....و....و... مسكتني أمي بعنف وقالت بغضب اجلس واحك بهدوء ، ماذا جرى بالظبط ؟؟ . لم تفهم أمي أيّ شئء من كلامي سوى أن ربح تبكي لآن حامد ضربها . في الحقيقة كنت مرتبكا و غاضبا لأجل ربح المرأة الطيّبة التي طالما أحبتني كأنني إبنها و التي كانت تساعدني و تلفني من برد الشتاء و أنا في الطريق الريفي الوعرة للمدرسة و التي كانت تتعهّدني في الذهاب و الرجوع من المدرسة و التي كانت تحشو محفظتي بكل أنواع الغلال و البيض و الخبز و الزبدة لأنني لا أستطيع العودة بين الحصتين ، حصّة الصباح و حصّة المساء لبعد المدرسة عن منزلنا و لأنني أستغل فترة ما بين الحصّتين للمراجعة و التمارين و لأنني لا أجد الوقت الكافي ليلا للمراجعة باعتبار أنّ تعهّد المواشي و سقيها و تعليفها يأخذ مني كلّ وقتي تقريبا.
    بعد أن فهمت أمي خلاصة المعلومة ، شعرْت أنّها إرتبكت و وضعت يدها على جبينها و لم تدري ماذا تفعل بالظبط ، و فكّرت في زيارتها على عجل لكن عدم استشارة أبي مسبّقا جعلها تتراجع عن ذلك خوفا من غضبه . لقد" بردت يداي" و لا أستطيع حتى حلب البقرات يال أسفي على ربح هكذا قالت امّي و هي تشرب كاسا من الماء و قد شعرت أن حلقها جفّ ، سوف يعود أبوك و نرى ماذا سيفعل لأجل ربح ؟؟ أتمنى على الله أن لا تكون "ربح" فعلت ما أغضب "حامد" حتى دفعه الى ضربها ، لا..لا أعتقد هذا ، ربح إمرأة عاقلة و رصينة هكذا بقيت أمي تردّد كلاما و نقيضه و هكذا تابعْت حركاتها و سكناتها و بعد ساعة تقريبا تمالكت أمّي على نفسها و ذهبت لإحضار الفطور رغما عن إرادتها فلا يعقل أن يعود أبي و لا يجد فطوره.
    لما عاد أبي ، أشارت عليّ أمّي بالصمت وعدم النّبس بايّ كلمة حتّى يغسل أطرافه و يفطر و يشرب كاس الشاي ، هكذا كانت عادتها في نقل الأخبار السيئة لأبي ، و هكذا كانت أمي تتفتخر أنها ليست من عائلة نكـديـّة فقد علمتها أمّها أي جدّتي أن تترك مجالا لزوجها حتّى يفطر و يرتاح قليلا و بعدها تعرض ما ساء من الأمر و عظم . كانت امّي تنتظر على أحرّ من الجمر متى يتم أبي إفطاره و يشرب كأي الشاي، فلمّا أتمّ ذلك طلبت منه أمّي أن يغلق المذياع و يستمع إليها . فهم أبي أن هناك مسألة جادّة فوضع إصبعه مباشرة على زرّ المذياع و أغلقه و التفت لأميّ متسائلا : إن شاء الله خيرأ ما الخبر ؟؟ قالت أمي : ذهب إبنك هذا الصباح لزيارة ربح في بيتها فوجدها تبكي في فراشها فلما سألها قالت له أن حامد تشاجر معها و ضربها. قال أبي: و ما سبب ذلك ؟ قالت أمي "لا أعرف " لقد فكّرت في زيارتها لكنني خفت من غضبك . نظر أبي الى الأرض برهة من الزمن و ظهر أنه دخل في تفكير عميق ثم أشعل سيجارة و قال : و الله لقد فهمت منذ أن كنت في الضيعة فقد كان حامد على غير عادته يتحاشاني و يتهرّب من الحديث إليّ ، في العادة يأتيني في فترة الراحة فنفطر معا و ندخّن و نشرب الشاي و بعدها يذهب كلّ منا الى عمله، لكن اليوم بقي في مستودع الصيانة و لم يخرج منه بتاتا . أشعل أبي سيجارة ثانية ثم نادى أمي و أمرها قائلا : غدا تذهبين صباحا لزيارتها و الإطّلاع على أحوالها و التحدث إليها عن سبب خلافها مع حامد ومنذ متى بدأ خلافهما ، أريدك أن تفهمي كلّ شيء و أن كانت الخلاف بسيطا فاتركيها فسوف نصلح الأمر و إن الخلاف جدّيا و ربح مظلومة فلتأتي معك الى المنزل و سيكون حساب حامد عسيرا، لك أن تقرّري ما ترينه صالحا دون تسرّع ..هل فهمتي دون تسرّع ؟؟ و لا تجعليني أندم على تكليفك بهذا الأمر، سوف لن أكلّم حامد في هذا الموضوع حتى أفهم الأمر سوف أتحاشاه كما تحاشاني اليوم حتى " يعمل ربّي دليلْ"
    كظم أبي غيظه و لم يهوّل الأمر لكن علامات الحيرة كانت بادية على وجهه و قد فهمت ذلك من تدخينه الغير عادي و عدم فتح المذياع ثانية طيلة السهرة و صمته الطويل.
    مرّة أخرى شعرت أمّي أنّها صاحبة الحلّ و الربط و أن أبي كلّفها بما عجز عنه و أنّه سيطيعها فيما ستقرّره من مصير ل "ربح " فخفّف عنها ذلك حزنها على "ربح " و لم تنسي بأن تذكّرنا ونحن ببيت البنات أن أبي يلتجئ إليها كلما صعب عليه الأمر و سردت علينا وابلا من الحكايات كان لها فيها القول الفصل منذ زواجها من أبي و كنّا نستمع إليها كالتلاميذ الصغار ، و كنت أتساءل في قرارة نفسي لماذا لا تحكي هذه الرّوايات أمام أبي ؟؟
    في الصباح إصطحبت أمي لبيت " حامد " و في الطريق أمرتني أمي بأن أتركها على انفراد ب"ربح" لأنّ هناك من الكلام ما لا يجب على الصغار سماعه و يجب عليها أن تفهم كل "شقيقة ورقيقة" حتى ترفع تقريرها للسيد الوالد بكلّ تفاصيله و أن تعلّل قرارها بما يقنعه سواء ببقاء ربح ببيتها أو بالرجوع معها ك"غضْبانة" حتى تتمّ مهمتها بكل شفافية و صدق كيْ لا يندم أبي على تكليفها بهذا المهمّة و كي تثبت له أنها في مستوى آماله و انه ليس كل النساء "يهزّوا من الجابية ويحطّوا في الخابية " . أجبت أمّي بالموافقة و عدم حضور خلوتهما و التظاهر باللعب مع الأطفال و عدم الأهتمام حتى لا أفسد مهمّتها و أسهّل عليها الأمر و تنال رضاء أبي رغم رغبتي الواضحة في معرفة سبب الخلاف قبل غيري . عند وصولنا لبيت حامد دقّّت أمي الباب مرّة أولى و ثانية وثالثة فلم تجب "ربح" فناديت بأعلى صوتي :ربح...يا ربح....فعلمت ربح انني أنا من يناديها وبعد برهة فتحت الباب فوجدتني و أمّي أمامها فابتسمت إبتسامتها الحزينة التي اعتدتها منذ أن رأيتها أوّل مرّة و عاتقت أمي ثم قبّلتني و احتضنتي وقالت : المعذرة ...المعذرة لم أفتح الباب بسرعة لقد كنت أظنّ أن إحدى جاراتي هي من يطرق الباب ، لاأريد أن تراني إحداهنّ و أنا على هذه الحالة ...كما أوْصيتني يوم زواجي ..أليس كذلك يا " لـلّـة " ؟؟؟ كانت أوّل مرّة أسمع ربح تنادي أمي ب "للّة" و لاحظت أن علامات الإشفاق و الحيرة بادية للعيان من علامات وجه أمّي وهي تقول : أعرف أنك بنت حلال ومطيعة و تريدين الهناء و السعادة و هذا ما جعلني أحبّك منذ أن رأيتك...
    بعد أن دخلنا بيت ربح قدّمت لنا شيئا من الحليب و التمرفي طبق صيني و قالت وهي متوجهة لأمي بالحديث :كنت أنتظر قدومك منذ البارحة لقد سبق وأن وعدتني أنك لن تنسيني حتّى و أن نسيني الجميع . وفي هذه اللحظة ربتت أمي على كتفيها و هي تقول: و هل تنسى الأخت أختها ؟؟؟ لن أنساك يا ربح و الله يعلم انني أحبّك و صادقة فيما أقول.
    نزلت دمعتان حارقتان من عيني ربح مع أنها حاولت إخفاءهما لكن غلبتاها فاحتضنتها أمي كالطفل الصغير ثم غمزتني ففهمت أنها تريدني أن أخرج و أغـادر المكان فخرجت وقد آلمني ما رأيت...
    يتبع....


    التعليقات
    5 التعليقات

    مدون بلوجر

    المشاركات الشائعة