• الرئيسية
  • قصة قصيرة
  • ادب عربى وعالمى
  • رجيم وصحة
  • سياسة الخصوصية
  • تواصل معنا
  • زواج كما أريد له-16-

    أعتقد أن العلاقة بين أبي و حامد لم تعد الى ما كانت عليه في السّابق،فقد بردت الى حدّ أنهما لم يفطرا مع بعضهما منذ زمن و غاب المزاح المعتاد و كؤوس الشاي التي طالما تبادلاها في السّابق غير أن أبي لم يقطع علاقتهه نهائيا مع حامد فبقيت في حدود معيّنة بالمعنى الديبلوماسي لأن أبي لا يريد قطع الحبل نهائيا حتى تدوم العلاقة مع ربح و يطّلع على أحوالها من الحين إلى الآخر و قد كنت حبل الوصل بين عائلتنا وربح و كانت ربح تزورنا من الحين الى الآخر في المناسبات الدينية و العائلية ، و للحقيقة واصلت ربح علاقتها الطيّبة مع عائلتنا و واصلتْ تفقّدي أثناء و عند العودة من المدرسة و كانت علاقتي بها خصوصية فقد كنت أبيع محاصيلها من البيض و فراخ الدجاج تقريبا كل سوق أسبوعية و كنت أشتري حاجياتها من الأواني المنزلية و غيرها من الأشياء الأخرى تماما مثلها مثل أمّي التي كنت أبيع أيضا محاصيلها و كانت ربح تهبني بعضا من النقود التي أرجعها إليها بعد بيع كل محصول و حسب قيمة البيع و للحقيقة أيضا لم أعد ألاحظ تلك النضارة على وجهها و الإبتسامة العريضة و البشاشة فقد كانت تعاني من مشاكل مع حامد على ما أعتقد وكانت تخيّر الصمت حتى لا تقلق راحة أبي و راحتنا جميعا و قد يكون أملها أن يتغيّر حامد و يرجع لسالف أيّام زواجهما الأولى .
    ذات يوم و بينما كنا في الحوش ، فتحت ربح الباب فجأة و كانت باكية و و دامعة العينين و في حالة تعيسة جدّا مما حدى بأمي أن تهدأ من روعها و تذكرها و أن لا تخاف لأنّ بيتنا هو بيتها و لأنّ وجودها معنا هو فرح كبير لنا و يجب أن لا تعتقد أنها حمل علينا و ذكرت أن حامد بعد أن أقلع مدّة عن شرب الخمر بعد خصامهما الأوّل عاد لسالف عادته و كان عندما يشرب الخمر ينقلب الى شخص غريب و يصبح عنيفا و يفقد إتّزانه و عقله و كثيرا ما كان يتهدّدها بالعنف . كانت ربح تبكي وهي تروي مع حدث مع حامد و من إكتآبه الدّائم عندما لا يكون مخمورا و صمته اللامتناهي و شروده ، فقد عرضت عليه ذات يوم أن يذهبا لفحص طبّي لدى طبيب " الحزامات" وهي تقصد طبيب معالجة حالة العقم لدى النساء ة الرجال لكنّه رفض ذلك رفضا مطلقا بل وغضب من هذا المقترح . و أردفت ربح ليلة البارحة عاد مخمورا لبيته و كان يهذي فطلبت منه بكل هدوء أن يطلّقني و يترك سبيلي و يريحنى من مسألة الإنجاب فثارت ثائرته و ضربني و كسّر بعض الأواني و خرج ليبيت في مكان مجهول قد يكون الضيعة لأنّه لم يبت ليلته عند أخيه فقد سألت عنه هذا الصباح فنفى أخوه ذلك و عندما ذهب للضيعة و جده يعمل هناك و كأنّ شيئا لم يحدث.
    عندما عاد أبي روت له أمّي ما حدث لربح بكل التفاصيل فأمرها أن تكرم وفادتها و أن تحسن إليها حتى يتم إجراءات الطلاق من حامد فقد أقسم على ذلك لو أعاد الكرّة و ضرب "ربح" مرّة أخرى ، ثم قال أبي أن حامد تجرّأ على فعلته هذه لأنه يظنّ أنها وحيدة ولا سند لها ، و أقسم أنه سيكون معها لو كلّفه ذلك بيع كلّ مواشيه . بقيت ربح معنا وباتت كعادتها ببيت البنات و حاولنا التخفيف عليها و التهوين من مسألة حامد و سوء المعاملة التي صارت تلقاها منه .
    عندما عاد حامد لمنزله لم يجد "ربح" و لم يجد فطوره و وجد البيت غير مرتّب كالعادة ففهم أن "ربح" غادرته ، فسأل زوجة أخيه عنها فأعلمته أنها خرجت منذ الصباح في إتجاه منزلنا و قد تكون في حالة غضب لأن في عادتها أن تعلم جيرانها بزيارتنا حتى ينتبهوا للمنزل و الدجاجات في غيابها . حار حامد في أمره رغم أن زوجة أخيه لامته ثم هوّنت عليه الأمر و ناولته فطورا و وعدته بأنّها سوف تسعى مع زوجها وهو أخوه لترضية " ربح" و إعادتها لبيتها. كان حامد غير واثق من رضاءها و رضى أبي الذي سبق و أن أقسم على أن يطلّقها لو أعاد الكرّة و ظلم "ربح" .
    مرّ اليوم الأول هكذا و في اليوم الثاني حاول حامد التحدّث لأبي في شأن " ربح " لكنّ أبي رفض رفضا مطلقا الحديث معه فالتجأ حامد لزملائه في التعاضدية لكي يساعدوه على إرضاء "ربح" و إرجاعها أليه ثانية و ذلك بالتدخّل لدى والدي و محاولة إقناعه بإصلاح ذات البين لكن أبي أعاد رفضه المطلق للصلح بل وأكّد أنه سيقيم قضية طلاق للضرر من حامد في قادم الأيّام. كان أبي جادّا فيما يقول فقد نادى ذات ليلة "ربح" و طيّب خاطرها و قال لها أنه لن يسكت على ما حدث لها رغم محاولات حامد إرجاعها إليه و أنه سوف يقيم قضيّة طلاق حتى يريحها من حامد لأنه لم يلتزم بعهوده في حسن معاملته لها ، وكان أن أن إمتثلت "ربح" لمقترح أبي خاصة و أن إعلامه لها كان شبه إستشارة وأخذ موافقتها على ما إعتزم عليه.
    أشار العمّال على حامد بالإلتجاء الى العمدة فهو الوحيد الذي يمكن أن يؤثر على قرار أبي و يجعله يتراجع عن قرار طلاق "ربح" من "حامد" بحكم قرابته الدمويّة لأبي و بحكم احترام "العرش " للعمدة إبنهم و بحكم رغبتهم في الحفاظ على هيبته بين "العروش" الأخرى فإنّ أبي لا يمكن أن "يلوي العصا" في يديّ العمدة . فتحوّل حامد الى مركز القرية للبحث عن العمدة فوجده بمكتبه صحبة كاتبه الخاصّ فسلّم عليه و عرض عليه المسألة راجيا منه التدخّل لدى أبي حتّى يعدل عن مسألة الطلاق ويرجع "ربح" الى بيتها . رفض العمدة في بادئ الأمر ذاكرا أن أبي رجل "مصعْصع" وسوف لن يستجيب إليه في طلبه لكن إستنجاد حامد بإخوته للتأثير على العمدة ليتدخّل لدى أبي جعل العمدة يقبل التدخّل على أمل أن يتراجع أبي على شرط أخذ أتعهّد تامّ و كامل أمام الجميع بعدم إعادة صنيعه و حسن معاملة زوجته. قبل حامد كل شروط العمدة دون تردّد بل وزاد عن ذلك بأنه سيعتذر ل "ربح" أمام أبي حتى يبرأ ذمته منها ثم شكر العمدة و تواعد معه على اللقاء و التوسّط .

    عند المساء و بعد العشاء ، أتي أحد عمومتي ليعلم أبي أن العمدة يحتاجه في أمر هامّ ، فذهب أبي لدار" الضياف" فلمّا رأى حامد و أخوه فهم أن الأمر يتعلّق بحامد و ربح فقفل راجعا لكن قسم العمدة على أبي بعدم المغادرة و إلحاح أبناء عمومته جعله يتراجع .
    إستعمل العمدة كلّ نفوذه العائلي للتأثير على أبي و لجعله يتراجع عـن قرار الطلاق لكن إصرار أبي كان أكثر ممّا تصوّره العمدة ممّا أحرجه أمام الجميع فظهرت بوادر الغضب على وجهه و قفز من كرسيه واقفا و صائحا: الحمد لله أنه لم يعد لي كلام يسمع بين أبناء عمومتي هذا جزائي معكم كجزاء من زرع في ارض ليست بأرضه ....ثمّ إلتفت لحامد قائلا: لقد سبق وأن قلت لك إنه رجل "مصعصع" فلم تسمع كلامي ..هكذا تريد يا سي حامد؟؟؟ . شعر أبي أنه أساء للعمدة عوض أن يسيء لحامد فتراجع و قال له : لقد سبق و أن أقسمت أنني سوف أطلّقها منه لو أعاد الكرّة و ضربها ، نعم لقد أقسمت بأغلظ الأيمان ، أليس حرام عليك يا عمدة في تحنثني في قسمي؟ أليس حرام عليك يا عمدة أن تترك إمرأة مكسورة الجناح تحت رحمة من لا عهد له . لقد كانت ربح زوجة مطيعة و صادقة فكيف يكون جزاءها هذا ؟؟ . قال العمدة: لا عليك في القسم فلا قسم على تخريب البيوت ، أتفهم ؟ لا قسم على خلاء البيوت ثمّ أنه يمكن أن تصوم ثلاثة أيّام هكذا يقول الشرع ، إن حامد سيتعهد أمام الجميع بان لا يعيد فعلته ثانية و إن أعادها فسأتكفّل أنا بإجرءات الطلاق ، قال هذا وهو متوجها لحامد ، و بعدها أمر العمدة حامد أن يعتذر لأبي و يعتذر لزوجته أمام أبي و أمي حتى ينتهي الأمر و أقسم العمدة أن يتمّ هذا الإعتذار الليلة قبل طلوع النهار فقبل حامد بكل شروط العمدة كما قبل أبي على مضض بما أراده العمدة من الشروط .
    في تلك الليلة تحوّل حامد لبيتنا و هناك طلب المعذرة من زوجته ورجاها أن تعود لبيتها و اعتذرللعائلة كلها عمّا سببه من قلق و إزعاج فكان أن إستشارت "ربح" أبي في الأمر فروى لها ماحدث في دار الضياف وتعهّد حامد أمام الجميع و أمام العمدة على عدم إعادة ما صنيـعه معها ثالثة ، ثم أمرها بالعودة معه لبيتها كما تعهّد أبي أمام العمدة و جميع أبناء عمومته، فخرجت "ربح" وهي راضية وقد شعرت أنها ليست وحيدة بل لها من يسندها في خلافها مع حامد و أن حامد سوف يحسب ألف حساب لو تجرّأ مرّة أخرى و أعاد فعلته.
    بعد خروجهما نادى أبي أمّي و أمرها أن تحضر له حليبا وتمرا كسحور لتلك الليلة لكي يصوم ثلاثة أيّاما إبراءا لقسمه بالعمل على طلاق "ربح"...
    يتبع....


    التعليقات
    6 التعليقات

    مدون بلوجر

    المشاركات الشائعة