• الرئيسية
  • قصة قصيرة
  • ادب عربى وعالمى
  • رجيم وصحة
  • سياسة الخصوصية
  • تواصل معنا
  • زواج كما أريد له -17-

    عادت ربح إلى بيتها و كنت أراها تقريبا يوميا وأنا في الطريق إلي المدرسة أو عند الرجوع مساء و كنت أزور ربح كل ما سنحت الفرصة حتى في العطلة الصيفية لا تنقطع زياراتي لها لكنها لم تكن سعيدة رغم أن حامد أقلع عن عادته السيئة في في مسألة العنف لكن حالته النفسية تدهورت بما بما يشبه الإكتئاب و يظهر أن مسألة الإنجاب عصفت به و جعلته يفقد توازنه و قد يكون رفضه لزيارة طبيب مختص لمعالجة العقم أو سبب عدم الإنجاب كان خوفا من من أن يكون هو السبب . في الحقيقة كانت مسألة الإنجاب محيّرة لي خاصة و أن خالتي وعمّتي و زوجة عمّي عاقرات هنّ كذلك، قد يكنّ هنّ السبب أو قد يكون العكس بما أنّ الرجال يرفضون رفضا قطعيا إجراء فحوصات لازمة و كان عدم الإنجاب يسبّب حالات من الإكتئاب فقد رأيت بأمّ عيني خالتي وهي تبكي كما رأيت زوجة عمّي تبكي عندما ترانا نلعب و تسمع صراخ الأطفال فتتذكّر أنها لم ترزق بأولاد و بنات فيألمها هذا لكنّ عمّتي لم تكترث لأمر الإنجاب بل ظلّت ثابتة و هي تردّد ما حاجتي بالأطفال و قد رزق الله إخوتي و أخواتي بأطفال هم قرّة العين و يكفي أنهم يملؤون على الدار و يزورونني ليلا و نهارا ؟ .
    ذات يوم أعترضني ربح كعادتها وكانت باشّة و ضاحكة و كنت منذ سنتين لم أرى عليها علامات الفرح كذلك اليوم . قالت بلّغ أمك السلام قل لها أنني سآتي ضيفة عليكم يوم الجمعة القادم و أنني سأقضّي ليلة معكم فأنا في شوق كبير لرؤيتكم جميعا و لقضاء ليلة معكم فقد إستشرت حامد فرفض في البداية لكن مع إصراري قبل و رضخ و سمح لي بالزّيارة . فرحت بدوري بهذه الزيارة و فرحت لرؤية ربح على تلك الحالة من السرور فقد رجعت ربح كما هي في سنة زواجها الأولى . لم أكد أغادر ربح حتّى نادتني ثانية و قالت يجب أن تأتي يوم الجمعة الى منزلي اوّلا ثم تصحبني لنعود معا الى منزلكم و لا تنسى تأتي بالحمار و ّ الزنبيل " لأن لي أشياء أريد أن آخذها للبنات فقلت : ومتى آتي ؟ قالت : مع منتصف النهار لأني أريد أن أطبخ فطور و عشاء حامد أولا و أرتّب المنزل و هذا يكلفني الفترة الصباحية كاملة فأشرت بالموافقة ورجعت للمنزل.
    عندما وصلت أعلمت بأمي بخبر قدوم ربح يوم الجمعة كضيفة كما لم أنسى أن أعلمها أنه يجب عليّ الذهاب اليها على ظهر الحمار لأن لها أشياء ستحملها معها .سألتني أمي بكل إستغراب: وما هي هذه الأشياء ؟؟ قلت لا أعرف بالظبط ما هي . بقيت أمي تفكّر في الأمر لكن عندما أعلمتها أن ربح فرحة جدا و مسرورة على غير عادتها و أنّها في شوق لرؤيتنا جميعا انّها ستبات ليلتها معنا ، بدت عليها علامات الإرتياح لكنها لم تنسى أن تقول : لعلّ الله منّ عليها بخيره و زيّن عليها في الإنجاب فقد طال انتظارها و هي الآن في سنتها الرابعة منذ زواجها و كاد اليأس يأكل صبرها.
    يوم الجمعة قمت باكرا و كذلك جلّ العائلة للتحضير لقدوم ربح فيجب علينا ترتيب البيت و قضاء كل الشؤون صباحا حتى تتفرّغ أمي و كلّ العائلة هذا المساء للجلوس مع الضيفة التي لم تقضي أيّ ليلة عندنا منذ قدومها "غضبانة " آخر مرة أي منذ سنة و نيف . كان الفصل ربيعا و كنت وقتها أقضّي عطلة الربيع و كان لتلك العطلة وقعها الخاض فأنا أحبّ عطلة الربيع و فصل الربيع و أنا أعشق زهوره و خضرته و أحب أزهار "البهيرةّ " الجميلة و نباته التلقائي كّ"التالمة " و " خوف الجمل" و الخرشوف الذي كنا نقطعه من حقول القمح و الشعير و نستعمله للأكل و الطبخ و كنت أعشق أكل نبات "الخبّـيـزة" التي كنت أجمعها من حقول القمح لتغسلها أمّي و تقطّعها ثمّ تطبخها على البخار و بعد طبخها تضيف لها التوابل و البهارات و الفلفل الأحمرالمرحي و الحارّ و الثّوم كل حسب رغبته فنلتهمها ألتهاما و نعيد الكرّة مرات و مرات لهذا كنت أحب هذا الفصل . قبل منتصف النهار جهّزت الحمار و وضعت على ظهره البرذعة و الزنبيل ثم ركبته و ذهبت لمنزل ربح كما اتفقنا سابقا و عند وصولي وجدتها في انتظاري ولما ورأتني أمرتني أن أدخل الحمار داخل "الحوش "و لما دخلت كما أمرتني ربح ، أخذت بعض العلب الكرطونية وشرعت بتحميلها في الزنبيل قد كان عددها على ما أظنّ يقرب الستّة أو السبعة علب و عندما أنهت ربح تحميل العلب خرجنا قاصدين منزلنا و كانت ربح تسرع الخطى و تأمرني أن أسرع و أن أنهر الحمار المتثاقل و الذي يقف بعد مسافة ليأكل العشب المتواجد على حافتيْ الطريق فآخد العصى و اهمزه بها قيتقدم بعض الخطوات ثم يعيد الكرّة ثانية و هكذا دواليك الى ان و صلنا. إعترضتنا أمي و البنات للترحيب بربح فكانت القبل و كان العناق المتبادل و الفرحة العارمة تغمر الجميع.
    دخلت ربح الحوش وبدات في تفريغ حمولة الحمار و من بعد أدخلت العلب لبيت البنات و كانت أمي مشدوهة و متسائلة لمن تكون هذه العلب ؟؟ . لم يطل صبر أمّي حتى سألت ربح : ما هذا ياربح ؟ قالت ربح هذه أواني منزلية اشتريتها منذ مدّة و جمعت ثمنها من محاصيل الدواجن التي كان يبيعها كل يوم سوق أسبوعيّة فلان وهي تقصدني طبعا . ثم أضافت : و الله العظيم كلها اشتريتها بأموالي التي حصلت عليها ولم يدفع حامد و لو مليما من جيبه فكلّها ملكي . سألتها أمّي و لماذا أتيتي بها الى هنا ؟ هل أنت في خصام مع حامد ؟ قالت ربح : لا...لا.. أبدا ..لا هذه الدواجن في الأصل لك كنت سلمتني منذ أيام زواجي الأولى دجاجا روميا و فراخا و ديك و ثلاثة دجاجات لتربيتها و كنت قلت لي ربّي هذا لأنك سوف تستحقين مالا لشراء تجهيزات بيتك من الأواني و حتى اللباس فالرّجال عادة ما يصبهم البخل و الشحّة بعد الزواج بسنة او سنتين ..ألم تقولي لي هكذا ؟؟ قالت أمّي : نعم..نعم ....كنت قلت لك هذا ، لكن لم تجيبيني ، لماذا أتيتي بهذه العلب إلى هنا ؟؟ قالت ربح : لأنني أريد أن أساعدك في تجهيز البنات للزواج و هذه هي هديّتي للبنات ، والتفتت الى أختي الكبيرة وقالت كبيرة تأخذ هذا و هذا وهذا و انت الصغيرة فلك هذا وهذا وهذا..سوف تتذكرانني بعد الزواج عند رؤية كل آنية و فنجان أو كأس ثم ضحكت وقالت : الأن أشعر أنني ساهمت و لو بالقليل في إسعادكما ، اللهم زيّنْ سعدهنّ وأبعث لهما إبن الحلال فاحمرّ وجههما خجلا لأنه و لأوّل مرة يقع مثل هذا الحديث عن الزواج و ابن الحلال ...قالت أمي: لقد أسرفت على نفسك و أتعبتها ، والله إن هذا كثير ، الله يهديك فردّت ربح : هذا من خيرك فهذا في الأصل من مال دجاجاتك ...فقالت أمّي : لا..لا أنت أختي و انت التي تعبتي في تربية الدواجن بالله عليك لا تعيد مثل هذا الكلام ثانية و عانقتها . جهّزت أمّي المائدة للإفطاربينما تكفلت أختاي بترتيب العلب كل في مكان جمع جهاز العرس.
    عاد لأبي من العمل فلما وجد "ربح" سرّبها كثيرا و أكرمها و سأل عن حالها و تصرّف حامد معها و هل تحسُنت سيرته معها فردّت ربح بأن الأمر عادي غير أن حامد صار كثير الصمت و الشرود الى حدّ لا يطاق . في الليل أصرّت ربح على السّهر في البيت الكبيرة و جمع كل العائلة حول برّاد الشاي ففرشت أمي حصيرا كبيرا من نبات الحلفاء و فوقه منسوج كليم أولا و ثانيا و بعض جلود الأغنام بينما جلس أبي على " الدكّانة " وهو مكان يكون أعلى من بقيّة مساحة البيت بنصف متر تقريبا على شكل مصطبة و بجانبه الرديون الذي اغلقه عند دخولنا للسّمر ببيته لأنّ المفاجأة كانت سارّة له و لم يعتد أن نتسامر ببيته . كانت السّهرية رائقة فقد تحدّثنا في كل شيء تقريبا و كان أبي فرحا بوجدنا حوله و كانت ربح تنشط الجلسة بمزاحها و خفة ظلّها و كانت تصرّ على تعديل برّاد الشاي و تجديده بعد طبخ أوّل و ثاني و تصرّ على غسل الكؤوس و آنية الصينية و تسخين حبّات الكاكاوية . دام السمر قرابة منتصف الليل و بعدها قمنا للنوم فالتحقت أنا ببيت الأولاد بينما نامت ربح بيت البنات كالعادة . تمدّدت على فراشي و قد أسعدني وجود ربح معنا و إصرارها على السّمر بالبيت الكبير و حركيّتها الغير عادية بل و جرأتها و روح الدعابة التي تملأها ، فخيّل إليّ الكثير من الأشياء السعيدة و التي أسعدت ّربحّ ، فهل تكون ربح حبلى ؟؟؟

    التعليقات
    3 التعليقات

    مدون بلوجر

    المشاركات الشائعة