ركبت
سيّارة الأجرة بعد يوم مضن ، لم أكن أفكر إلاّ في الرجوع مبكرا لكي أنام و آخذ قسطا من الرّاحة ، حقيقية كان اليوم ثقيلا و
متعبا ، الجولان بين قاعات المشفى ، الموعد المضني ، المال الذي يفتح بابا و يغلق
آخر ، وجه الطبيبة الجميل ، و وجه ممرضة شمطاء ، شيء من الماء البارد ، سأفتح
شهيّتي بقهوة طويلة ، سأبتسم لهذا الرجل العبوس ، ليذهب إلى الجحيم ، المريض يريد
كل شيء ، و أنا على إستـعداد لكي ألهيه عن مرضه ،لا شيء يهمّ إلاّ أن تعود باكرا
لتنام ، دعاء الأمّ يصدع أذنيّ ، الله وحده قادر عمّا لا يقدر
عليه الأطبّاء ، اضحك من قـولها ،
مسكينة تريد أن تقول أن من خلق الدّاء خلق الدواء، أضحك ...من خلق الدّاء ؟؟ الشيء
و نقيضه ، الدّاء و الدواء ، يال سخرية الدنيا، ، و يال إيمانها القاطع ،
ليت لي ذك الإيمان المبهم لكي أستسيغ معنى لكلامها ، ...يصيح صاحب السيارة
" تونس ، تونس " أجلس بالمقعد الوسطي ، أعدّل ساعتي ، أنظر إلى
الهاتف المحمول ، سأشرب كأسا من البيرة أو ما يزيد عندما أصل إلى العاصمة ، يجب أن
أنام ، لقد تعبت....تجلس بجانبي فتاة تقارب الثلاثين ، شعرها مصفّف بشكل يجلب
الإحترام ، عينان زرقوان ، أحمر الشفاه ملفت ، صوت رقيق ، جمّازة خفيفة على كتفيها
، رقبة مشرقة ، جسد شاحب لا تعلوه سمنة ، ريح عطر طيّب يفوح و يقتحم المكان،
إبتسامة لا تضاهيها أية إبتسامة ... كل شيء عادي و غير قابل للتأويل ، أنا أكره
التأويل ، سيأتي الطبيب غدا ، سيعطينا نتيجة التقرير، فليكن ما يكن، نهاية الطفل
الوديع ؟ جدل جديد عن إحتمالات المرض ؟ برء سريع ؟ سيكون الله إلى جانبنا
كما تقول أمّي ؟ لا شيء يهم ..
فجأة تسألني الفتاة و أنا في غمرة الحيرة ، هل الشحن وافر في هاتفك المحمول ؟ أقصد الباطرية و المال طبعا ، لقد فرغت الباطرية من الشحن في هاتفي ، أستطيع إستعمال هاتفك للحظات فقط ؟ أرجوك ، أنا في حاجة لمكالمة عاجلة . لم يكن بوسعي أن أرفض طلبا كهذا ، لي ما يكفي من المال و الشحن، .. بعد لحظات أخذت الفتاة الهاتف للإتصال و كان أن إستعملت أكثر من عشر دقائق في مكالمة عبثية ليس لها أساس من الصحّة ، ضحكت ، و لكنني أخفيت سخريتي، بعد أن أتمت المكالمة ناولتني الهاتف قائلة : شكرا ..أطلت قليلا أرجو عدم الإزعاج.. وابتسمت و هي تطلب المعذرة ثانية.
سارت سيارة الأجرة في إتجاه العاصمة بعضا من الكيلومترات ، و إذا بالفتاة يأخذها النّعاس و النوم الشديد ، فتلقي برأسها على كتفي الأيمن ، و تهب الريح داخل السيّارة ، فينساب شعرها الطويل تارة على و جهي و اخرى جمّازتي و ظهري ، تنام نوما لا إستفاقة بعده إلاّ بعد فرملة شديدة من سائق السيارة، تستفيق فجأة ، لتعتذر عن الإزعاج و لتقول أن النوم غلبها و لا تستطيع له سبيلا فأسحب رأسها قليلا من على كتفي لتعود ثانية و قد غلبها النوم أكثر مما كان عليه . شعرت بالحرج ، فلم أتعود البتة أن تنام فتاة غريبة في مقتبل العمر على كتفي دون إذن أو معرفة سابقة ، ثم أنّ همّ المشفى أنساني من أنا و ماذا أفعل أصلا في هذه المدينة التي لا أحبـّها و أكرهها منذ صغري ، رغم أن لي من الأصدقاء و الصديقات من أهاليها من أحبهم و أرتضيهم . تثاءبت الفـتاة مرة أخري ، و وضعت رأسها على كتفي ثانية و نامت نوما عميقا....ا
فجأة تسألني الفتاة و أنا في غمرة الحيرة ، هل الشحن وافر في هاتفك المحمول ؟ أقصد الباطرية و المال طبعا ، لقد فرغت الباطرية من الشحن في هاتفي ، أستطيع إستعمال هاتفك للحظات فقط ؟ أرجوك ، أنا في حاجة لمكالمة عاجلة . لم يكن بوسعي أن أرفض طلبا كهذا ، لي ما يكفي من المال و الشحن، .. بعد لحظات أخذت الفتاة الهاتف للإتصال و كان أن إستعملت أكثر من عشر دقائق في مكالمة عبثية ليس لها أساس من الصحّة ، ضحكت ، و لكنني أخفيت سخريتي، بعد أن أتمت المكالمة ناولتني الهاتف قائلة : شكرا ..أطلت قليلا أرجو عدم الإزعاج.. وابتسمت و هي تطلب المعذرة ثانية.
سارت سيارة الأجرة في إتجاه العاصمة بعضا من الكيلومترات ، و إذا بالفتاة يأخذها النّعاس و النوم الشديد ، فتلقي برأسها على كتفي الأيمن ، و تهب الريح داخل السيّارة ، فينساب شعرها الطويل تارة على و جهي و اخرى جمّازتي و ظهري ، تنام نوما لا إستفاقة بعده إلاّ بعد فرملة شديدة من سائق السيارة، تستفيق فجأة ، لتعتذر عن الإزعاج و لتقول أن النوم غلبها و لا تستطيع له سبيلا فأسحب رأسها قليلا من على كتفي لتعود ثانية و قد غلبها النوم أكثر مما كان عليه . شعرت بالحرج ، فلم أتعود البتة أن تنام فتاة غريبة في مقتبل العمر على كتفي دون إذن أو معرفة سابقة ، ثم أنّ همّ المشفى أنساني من أنا و ماذا أفعل أصلا في هذه المدينة التي لا أحبـّها و أكرهها منذ صغري ، رغم أن لي من الأصدقاء و الصديقات من أهاليها من أحبهم و أرتضيهم . تثاءبت الفـتاة مرة أخري ، و وضعت رأسها على كتفي ثانية و نامت نوما عميقا....ا
يتبع....