• الرئيسية
  • قصة قصيرة
  • ادب عربى وعالمى
  • رجيم وصحة
  • سياسة الخصوصية
  • تواصل معنا
  • رؤيـة الشّــهـر الـسّـابـع -4-

    ينتظرها يوم عمل شاقّ فنساء الأرياف يعملن طيلة اليوم ، ينهضن من النوم قيل طلوع الشمس و ينمن بعد العشاء ، و التي تخالف هذا النظام تتعتبر معرّة النساء ، و لن يرحمها حتى أهلها ، بل أنّ الأم تربّي بناتها على نظام أقسى حتى تكون فخورة بهـنّ عـندما يصبحن زوجات ، فلا تحقّ لهنّ الراحة إلا يوم الولادة و ما تبعها من أيّام معدودات كإمرأة "نافسْ". نهضت مسرعة وأيقضت إبنتها الكبرى لتساعدها في بعض الشؤون المنزلية فعليها جلب الماء من البئر بما يكفي نهارا كاملا من الغسل و التنظيف و الشرب ثم كنس الساحة و ترتيب الأمور داخل البيت و حتى ترتيب الإسطبل و الزريبة والقنّ ثمّ علف الدجاج و جمع البيض ، بينما تحلب الأم البقرات و تخضّ الحليب الذي حلبته يوم أمس لإستخراج اللّبن وحفظ الزبدة لطبخها في يوم مّا للحصول على السّمن ثم عجْن الخبز و تخْميره و إحضار الحطب اللاّزم لإحْماء الطابونة و إحضارأرْغفة الخبز الكافية ليوم كامل وبعدها تعود على عجل لطبخ الفطور و إحضار الشاي ثم إكمال مابقي من الأعمال الأخرى المنزلية. عند منتصف النهار ، كان كل شيء جاهز كما خطّطت له ، وقد أسعدها هذا لتوفّر بعضا من الوقت حتى تجلس مع عمّتها ساعة أو ساعتين دون يؤثر ذلك على سير العمل وقضاء شؤون البيت . شكرت الأم بنتها على جهدها الرائع و الذي لولاه لما أتمّت عملها بهذه السّرعة ، ثم أمرتها تستطلع الطريق و تعلمها حال رؤية عمتها قادمة حتى تستقبلها يما يلزم مقامها فعمّتها إمرأة سريعة الغضب و تحب أن يكون إستقبالها بكل ودّ و حرارة حتى تشعر أنها ضيفة مبجّلة و عزيزة وأنها ليست من الضيفات الثقيلات .

    بعدة برهة من الزمن قدمت البنت مسرعة لتخبر أمها بقدوم العمّة "مريم" فنهضت من مكانها بسرعة متناسية أنها في الشهر السّابع و يجب تراقب حركاتها الفجئية حتى لا تسبّب ما قد يضر بصحتها أو صحّة الجنين ، و خرحت لتوّها باشّة ومرحبة بها ، وكان عناقهما طويلا ممّا دفع ببنتها الكبرى لتطلب بكلّ لطف من أمها أن تفسح المجال لها لتسلّم بدورها على العمّة، فكان لها ذلك ،فعانقت العمة البنت قائلة : تبارك الله ، ها قد أصبحت تعادل قامتي و صبيّة يافعة . وبعدها أردفت: عل تساعدين أمك في قضاء شؤون المنزل ؟ فأومأت البنت برأسها أن نعمْ، و أضافت الأمّ مدعّمة ، لولاها بما قدرت غن إنهاء شؤون البيت ، إنها بنت مطيعة يا عمتين فردّت : العمّة لقد عرفت أنها ستكون ربّة بيت ممتازة فقد كانت ولادتها سهلة و دون ألم و مريحة لك و لي، أتذكرين يوم ولادتها ؟ أجابت الأم : وهل تنسى يوما من أيام مخاضها أو يوم تنجب إبنتها الأولى ؟ ثم قالت الأم ّ : كدنا ننسى أن لنا بينا ، هيّا بنا الى المنزل، فأنت مجهدة من السير فأغتسلي و تبرّدي وارتاحي قليلا ، أطال الله في عمرك يا عمّتي العزيزة فلك وحشة في قلبي لا يعلمها إلاّ الله ثم توجهوا صوب المنزل بينما نزع إبنها الأكبر برذعة الحمار و الزنبيل و ربطه لعد أن ناوله الما ء و العلف ثم إختلى ببيته ليحفظ مشترياته من الحلوى و غيرها بعيدا عن الأنظار حتّى يقتسمها كما يشاء بينه و بين أخويه و يستفرد بنصيب الأسد .
    كانت الأم على أحرّ من الجمر و تنتظر إغتسال عمتها و أخْـذ نصيب من الراحة ، بعدها وضعت المائدة الغذاء و جلس ثلاثتهنّ العمّة و الأم و البنت حولها فقد أخذ منهم الجوع مأخذه ، فأكلوا بشراهة لا تضاهيها شراهة و شربوا لبنا و شايا ثم كلّفت الأم البنت بحفظ المائدة و ترْكها على إنفراد بعمّـتها لأجل شيء مهمّ ، قبلت البنت على مضض أوامر أمها، فهي لا تقبل أن تعامل كبنت صغيرة و غير راشدة و لا يعوّل عليها و لا يقع إشراكها في الحديث و الرأي. لقد عمدت الأمّ الى إبعاد إبنتها خوفا عليها من أن يكون تفسير الرؤية مزعجا و غير سارّ ، أو أن تلاحظ إرتباكها و خوفها ممّا قد يصيبها. بعد أن رتّبت البنت المائدة و أرجعت الأواني إلى مكانها المعتاد خرجت و أطبقت من ورائها الباب و تركتهما وهي في حالة غضب مكتوم خوفا من أمها ثمّ دخلت البيت الآخر فظبطت أخاها وهو يخبّأ مشترياته من الحلوي في مخبإه السرّي عندها تظاهرت بعدم الإنتباه إليه و كأنّ الأمر عادي لكن الحيلة لم تنطلي عليه كما في الساّبق بل ضحك منها قائلا : لا يلدغ المؤمن من جحر مرّتين ، أنت تترصّدينني كالأفعى منذ قدومي صحبة عمّتي ورغم ذلك سأعطيك نصيبا من " الحلوى الشّامية " فقط و سيكون نصيبك الأصغر منّا جميعا رغم أنك الأكبر منّا سنّا ، فنصيب الذكر حظّ الأنثيين و لن أعطيك نصيبك قبل أن تناوليني فطوري أوّلا ...هه....نظرت أليه أخته شزرا قائلة : لا حاجة لي بهذا النصيب من الحلوى ، خذْه و زدْه على حالك، فأنت جشع و ستندم يوم تكون في حاجة لي ، أنسيت الأسبوع الفارط لما سلمتك خلسة و دون علم أمّي سلّة بيض لبيعها الحصول على ثمنها ؟؟ سترى... و وضعت يدها على فكّها الأسفل في إشارة تهديد . إنتفض الولد من مكانه و ناول أخته علبة الحلوى طالبا منها أن تأخذ نصيبا كباقي الإخوة ومعتذرا على الإستفزازالغبيّ و الغير محسوب، فعلمت أن تراجعه المفاجئ و تظاهره بالكرم الحاتمي لم يحصل إلاّ عندما شعر بجديّة تهديدها و ما سينجرّ عنه من خسارة مالية لو تعنّت و لم يناولها نصيبا كاملا من المشتريات. بعد حصولها على منابها كما أرادت ذهبت و أحضرت طعام أخيها و لم تنسى أن تساله عن سرّ قدوم العمة و هذه الخلوة المطولة فرد أخوها بأن المسألة لا تعنيه و أن لا تحشر نفسها فيما لا يعنيها ....
    .... يتبع....

    التعليقات
    2 التعليقات

    مدون بلوجر

    المشاركات الشائعة