• الرئيسية
  • قصة قصيرة
  • ادب عربى وعالمى
  • رجيم وصحة
  • سياسة الخصوصية
  • تواصل معنا
  • زرقــة بـحـر... و مـوعـد (5)

    (5)

    في هذا اليوم الرّائق المشمس الجميل رغم الفصل الشتائي ، إنتظرها وهو يحدّق في البحر و ويتلاعب ببعض الحصى و كان يلهي نفسه بلعبة تعلمها منذ صغره مع اقرانه وهي لعبة تلاقف الحصى ، ثم كان بلقي ببعضها في ماء البحر و يصغي لصوت إرتطام الحصى بالماء ثم يتخيّل كم تدوم سفرة الحصى لبلوغ قاع البحر ، في الواقع كان يخفي قلقا و توتّرا زائدان على اللّزوم وهو لا يفهم لماذا كل هذا و الحالة لا تستدعي الإحساس بمثل هذا الشعور . عندما رنّ الهاتف تبسّم كعادته و نظر للشاشة فتأكّد من انّها هي فضغط على الـزرّ وبادرها بالسّلام و بكلمات رقيقة و ردّت بكلمات جذاّبة عذبة و كان يتخلّل حديثها كلّ ضحكاتها المعتادة و كان يتـنعّم بهذا و يشجيه حديثها فيتخلى رويدا رويدا عن خجله و اضطرابه و و تزول كل دواعي التردّد فينساب حديثه كالماء العذب و تتواصل ضحكاته و يسبح في عالمه الجميل و يطير كغيمة صيف . تردّدت بعض الشيء في كلامها و قالت له : سأسرّك شيئا مهما شيئا لم تكن تنتظره ، فخرج من عالمه السّحري الملائكي الى عالم الجدّ و و الإنتباه ، ثم سألها : ما هو هذا الشيء ؟ أتمنّى أن يكون خبرا سعيدا ، قولي بالله عليك ، ردّت بنبرة الجدّ قائلة : سأزور ….العاصمة هذا السّبت لسبب مهني بحت و ستصحبني زميلتي من مدينتي في الوطن القبلي ، قد ناتي على متن سيّارة الأجرة أو في سيّارة خاصّة سنكون في العاصمة مع السّاعة العاشرة صباحا ، أممممم .... لمّا سمع هذا الخبر تسمّر في مكانه و ابتلع ريقه و شعر بأحساس غريب يعتريه فلا هو بالفرحة و لا هو بالحزن ، ثم قال بجدّ : هل أنت جادّة فيما تقولين ؟ أعتقد أنك تمزحين.ردّت بكل جدّ : و لما أمزح ؟ إتها ضرورة العمل . في الحقيقة لم يكن ينتظر هذا الخبر فبعثره في باديء الأمر ثم أفرحه ، و فتح شاهيته لحبّ التعرّف عليها مباشرة ، رغم أنه كان يودّ لو طالت المدّة قليلا حتىّ يختبر أغوارها و يتعرّف عليها و على عاداتها و طريقة تفكيرها أكثر ، لكنّه ضحك و قال في نفسه قد يختصر لقائي بها بعض المسافات الزائدة و الطويلة التي لا طائل من ورائها ، ثم إنتبه فجأة انه شرد بأفكاره و خياله وهو يتصور انه يستقبلها في العاصمة ، ثم تدارك الأمر حتى لا تظنّ أن هذا الخبر لم يسعده و أن صمته و تفكيره ما هو ألاّ دليل برودة فقال لها : مرحبا بك إته خبر سارّ طالها إنتظرته إذا هكذا سأتمكّن من رؤيتك امامي ...انا مسرور حبيبتي ، سيكون موعدا حارّا و سعيدا . ردّت في تمنّع و قد لاحظت شروده في البداية ثمّ تداركه للأمر الشيء الذي أغضبها نوعا مّا ، لا...لا يمكن عزيزي أن نتقابل أو أن أراك ، سأكون مشغولة بمهمّتي المهنية ثم أنني سأكون مصحوبة بزميلتي ، لنترك موعد اللّقاء لفرصة قادمة ،ستكون فرصة قريبة ، فهمهم و لم يدري هل هي جادّة في حديثها حول إستحالة اللّقاء أم هي أرادت أن تخفّف عنه خجله و اضطرابه و وقع المفاجأة عليه لأنها تعرف في قرارة نفسها أنه لم يكن على أستعداد نفسي لمثل هذا الموعد الهامّ ، عندها قال : لا …يحب أن أراك حتى و لو لحين لبرهة من الزّمن سأكون في طريقك ثمّ أصرّ على مقابلتها بل و ألحّ أيّما إلحاح . لم تعطه وعدا قاطعا باللقاء بل وعدته أنها ستنظر في الأمر لعلها تجد حلا مناسبا فاعتبر ذلك وعدا منها بأنها ستحاول قدر الإمكان فاطمئن الى كلامها دون يقين منها او كان يمنّي نفسه بهذا اليقين . عندها هذا الحدّ انهيا المكالمة كعادتها و تفارقا على موعد جديد......

    عندما قطع المكالمة ، شعر أنه مضطرب و ان كل حواسه تتّجه لموعد يوم السيت و أن مواعدها الهاتفية لا تساوي أيّ شيء أمام هذا . عندما هاتفها في الغد أكّدت له خبر قدوهما فسرّ للأمر و كاد يطير فرحا لهذا اللقاء الغير منتظر فانتشى وذهب ألى الحانة لإحتساء قليل من الجعّة في حانته المحبّذة ، فأحتسى شيئا ثمّ تذكّر أنه لا يجب ان يكثر من شرب البيرّة حتى يكون على أتمّ الإستعداد للموعد فطلب الحساب و دفع الثمن المطلوب و خرج لتوّه عائدا للمنزل.

    يوم السبت قام ياكرا و نشطا ، فأستحمّ و حلّق لحيته و تعطّر ثمّ لبس ثيابه و خرح ليبتاع حاجاته المنزلية الهامة و التي غنى عنها ،و بعد أن أتمّ إقتناء مشترياته خرج للقاء الموعود ، كان ينتظرها على أحرّ من الجمر لأنه سيراها نعم سيراها بلحمها و عظمها و ستقترن صورة الخيال بالصورة الواقعيّة . في الطّريق الى الموعد ، هاتهفها سائلا أين وصلت ؟ فردّت انّها في أحواز العاصمة و انّها ستكون في وسط العاصمة في حدود العشرين دقيقة ، عندها أعلمها أنه سيكون في الموعد ليراها فردّت : تعم سأكون في الإنتظار طبعا و ضحكت فعلم أن تمنّعها عن اللّقاء أول أمس لم بكن إلاّ مزاحا و أنهما على أحرّ من الجمر للقاء الوهلة الاولى...

    كان يعرف أن زميلتها تصاحبها و كان يحبّذ أن يراها منفردة ليخفّف عنه الإضطراب و الوجل ، لكن ما عساه أن يفعل ؟ فجأة خطرت بباله فكرة وهي ان لا يقابلها و أن يتركها تصل مقر عملها ثم يهاتفها ليعلهما بقدومه امام بناية العمل، نعم هذه الحيلة الوحيدة التي سوف تخلّصه من زميلتها فعزم على تنفيذ الأمر بجبكة و دراية.

    كان يسير في الشارع الرئيسي و الانهج المحاذية و كلّما إعترضته فتاة أو إمرأة مصحوبة بأخرى يقول في قرارة نفسه قد تكونان هما ، فيحدّق تارة في وجوة النّساء و يشيح تارة أخرى حسب جمال الوجه و الشعر و القدّ...عندما وصل أمام البناية أخذ الهاتف و ضرب بأصابع مرتعشة ارقام هاتفها و قد اربكه اللّقاء فأخطأ الرقم مرّة اولى و ثانية و في المرّة الثالثة رنّ الهاتف...


    التعليقات
    4 التعليقات

    مدون بلوجر

    المشاركات الشائعة