• الرئيسية
  • قصة قصيرة
  • ادب عربى وعالمى
  • رجيم وصحة
  • سياسة الخصوصية
  • تواصل معنا
  • زرقــة بــحــر... و مــوعــد (10)

    تردّد منذ البداية ، فهو ليس على إستعداد حتى لسماع الخبر المفرح فما بالك إن كان الخبرا كارثيا ، أراد أن يتجاهل الأمر و ينهي يومه بما كفى من الخيبة ، كان يعتقد أته تجاوز جزءَ من الصدمة و لا حاجة له للرجوع الى نقطة الصفر ، أصرّ رنين الهاتف و أثقل عليه حتى أنه شعر أنّ رأسه سينفجر ، مدّ يدا باردة كالثلج نحو الهاتف ، لم ينظر في الشاشة ، ليكن من يكون و لينتهي هذا الصداع ، أغمض عينيه كمن يريد الهروب للمجهول ، قرّب الهاتف من الأذن اليمنى ، شعر برعشة جديدة وأن يده وإصبع الإبهام يخونانه و لا يستجيبان للظغط على زرّ فتح الهاتف ، فقد السيطرة عن جزء من جسده ، لأوّل مرة يشعر أن جسده أو طرف من أطرافه يعلن العصيان ، لا بأس ، سيعيد الكرّة ثانية فرنين الهاتف يهدّ جدار الأذنين ، فتح عينيه للتأكد من موقع زرّ فـتح المكالمة بلوحة ملامس الهاتف ، لكن عيناه اتجهتا مباشرة للشّا شة ، أهْـو إعلان عصيان جديد ؟ تذكّر أن العين هي العضو الوحيد الذي لا نستطيع حبسه ، " ليس للعين حجاب " هكذا كان يقول جدّه ليبرّر فضوله و حبّ إطّلاعه على كل ما هو معيب لرجل في سنّه ، كان يقول هذا عند مرور إمرأة ، بل ويبرّر النظرة الأولى بإباحتها شرعا...و... كان يتدارك هذه الفتوى بشرط أن لا يطيل الرّجل النّظر، تبسّم عند ما تذكّر جدّه وهو يطيل النظر و يدّعى عكس ذلك ، تذكّر هذا الذي حدث منذ سنين عندما كان في الخامسة عشرة من عمره و كان المرحوم جدّه جاوز الستين من العمر، كان يستفزّه بقوله " جدّي قذ أطلت النّظر ...ما فتوى هذا في المذهب المالكي و ليس الحانفي ؟ " كان يصرّ على المذهب المالكي لأن جدّه يبيح بعض المحضورات إستنادا على المذهب الحانفي حسب زعمه أو هكذا كان يعتقد عندما كان يفكّر في شيء غير مباح أو غير متفق عليه ثم يقول " دوّرها على المذهب الحانفي " فيسأله في تهكّم : هل أباح الحانفي إطالة النظر في وجوه النساء و قدّهن ؟ فينهره جدّه و يغضب منه و يرمه ب "الخيزرانة" عكّازه المحبّذ الذي لا يفارقه فكان عليه أن يرجعها إليه بشرط أن لا يعاقبه و أن لا يخبر والده على تتالي إستفزازه له و تجاوزه بعض حدود الّليّـاقة ، فيتم الصّلح سريعا و يبتسم الجدّ في وجهه و يطلب منه أن لا يعيد الكرّة ثانية لكنّه يبقى يتصيّد أسـتـفزازا جديدا وعقابا و صـلحا جـديدين ...

    إنقطع رنين الهاتف ، نظر جيّدا في الشاشة وجد أنّها هي ، نعم هي ، لم يكن في عادتها أن تهاتفه في مثل هذا الوقت ، تنفّس الصّعداء ، لكنّه إحتار أو ندم ، كيف لم يردّ مباشرة على المهاتفة ؟ هل كان على حق؟ هل أن تأجيل المكالمة لوقت آخر يكون الحلّ الأمثل لتفادي بعض المنغّصات ؟ ...بقي يفكّر فيها و تجاذبته الكثير من الرؤى و الأفكار ، قد يكون أخطأ فعلا ، قد يكون ... لأول مرّة يحسّ أنه عاجز على الحسم في أمر يهمّه ، ندم ، يا إلاهي ما الذي جعلها تهاتف في هذا الوقت ؟ هل يكون الأمر هامّا الى هذا الحدّ ؟ أخذ الهاتف ونزل بإصبعه على أرقام هاتفها ، هذه المرّة لم يخطىء و أطاعته أصابعه و أصبح جسده و أطرافه طوع إرادته ، تناسقت الرّغبة و أعضاء الجسد ، قبل أن يرنّ الهاتف تأتيه إشارة مزود الهاتف أنه لا يمكنه المهاتفة إلا بعد التزوّد بما يكفي من المال نظرا لأستهلاك الرّصيد المالي السّابق ، تمتم و أشار في ضيق كيف لم أتفطّن الى هذا ؟ ثم تذكّر أنه رجع للبيت وهو في حالة غير عادية قال في نفسه : يجب أن أخرج حالاّ لتزويد الرصيد للمهاتفة ، لبس معطفه و خرج لتوّه رغم حالة الطّقس الماطرة و الباردة ، عندما وصل أمام كشك بائع الفواكه الجافّة وبطاقات الهاتف الجوّال مدّ له ورقة نقدية طالبا تزويده بسرعة ببطاقة تمويل رصيد لمشغل الهاتف ، تسلّّم صاحب الكشك الذي يعرفه معرفة جيّدة الورقة النقديّه و بحركة متثاقلة مدّ له البطاقة و باقي المال و أراد أن يفتح حديثا للثرثرة ، فهذه هي عادته عندما تندر الزبائن و يشعر بالقلق يبسط حديثا لأجل الثرثرة و كان في ما قبل يجاريه في ثرثرته و يصبر رغم عدم أهمية الموضوع حتى لا يشعره بثقل دمه أو يجرح مشاعره لكن هذه الليلة كان على غير العادة فما إن تسلّم البطاقة حتى قفل راجعا تاركا صاحب المحلّ يتحدث وحده دون حتّى أن يعتذر اليه لأمره العاجل .

    زوّد رصيده وهو في الطريق الى المقهى بعد ان شعر ان صداعا يألمه و أن كأسا من الشاي الأخضر قد يخفّف هذا الألم ، و عند الوصول طلب كأسا من الشاي و و سجّل أرقام هاتفها بسرعة و بدأ الرّنين أولا...و ثانيا ...و ثالثا... ؟ ماذا لو تجاهلت المهاتفة أو كان الهاتف في "حالة خرس" ؟ أو قد تكون نامت ، السّاعة الآن السّابعة و ثلاثون دقيقة مساء لا يمكن أن تنام في هذا الوقت ، تتالى الرّنين و لم تجب ، زادت حيرته ، لعلّها لا تحمل هاتفها أو نسيته في مكان مّا ، قد تكون في عجلة من أمرها أو لم تجد ما يكفي من الوقت للتدارك الأمر ، لعلّها....؟؟؟ ، لعن القدر ، كان عليه أن لا يتردّد لحظة في الإستجابة عندما طلبته منذ قليل ، أنقطع الرّنين بعد دقيقة تقريبا و لم تجب على مهاتفته ، قد تكون غضبت لما شعرت بتجاهله لها كل شيء جائز ؟ هكذا قال يضع الهاتف على الطّاولة ، شرب قليلا من الشاي بعد أن شعر أن آلام الصداع تتزايد و تلهّى بمتابعة شريط الأخبار على شاشة تلفاز المقهى ، تتابعت الأخبار رويدا رويدا و كان يعيد قراءتها حتى كاد ان يحفظها عن ظهر قلب ، أعاد إرتشاف الشاي ليكمل شربه لأنه يكره شرب الشاي باردا و ليرى هل ستخفّ عنه آلام الصداع أم لا ؟... فجأة رنّ الهاتف ، أخذ الهاتف بسرعة و نظر في الشاشة و نزل بإصبعه على زرّ الإستجابة ، هذه المرّة لم يتردّد أي لحظه ، فهي التي تهاتفه بعد أنتظاره و ندمه القاتلين...

    يتبع....

    التعليقات
    6 التعليقات

    مدون بلوجر

    المشاركات الشائعة