• الرئيسية
  • قصة قصيرة
  • ادب عربى وعالمى
  • رجيم وصحة
  • سياسة الخصوصية
  • تواصل معنا
  • زرقـة بـحـر... و مـوعـد (16)

    يجب عليه محو كلّ أثر لهذا الحلم المزعج كما يجب التخلّص من كلّ ضغط تحمّله طيلة الأسبوع الذي سبق الموعد، تعجّب كيف لحلم مزعج أن يترك أثره السّلبي على نفسيته و يكلّفه كل هذا الأرق و الإزعاج و التّلف العصبي ؟ تبسّم و أغمض عينيه و تذكّر أنّ غيرته عليها تكلّفه الكثير من الإرهاق حتى وهو في فراشه أو في المنام، تسـاءل في نفسـه " كم كانت لي من الأحلام اللّذيذة و لحظات حلم سعيدة بلا نكد الغيرة وكم من ليلة مرّت كنسمة صيف خفيفة رائقة و كم من ليلة رآها باسقة كالنخل مشرقة كالشّمس وكم من ليلة حامت على فراشه كالحمام أو كالملائكة وملأت المكان و الزّمان و ألهمته فكرة جديدة و مجالا لا تسعه اليقظة ؟" اليقظة وحدها هي التي تقطع أحلامه الوردية، يالها من يقظة ، يقظة حرمته كل أحلامه الجميلة ، حرمته من مساحة الوقت لكي يراها كما هي شبيهة الوردة، اليقظة التي تخرجه من الحلم اللّذيذ تصبح مزعجة و تصبح عقوبة قاسية على قلبه وهنا ينقلب الدّور و يصبح لليقظة وجهها القبيح كوجه الموت.

    أرهقه هذا الموعد و وتّره من دون سبب صريح، هو القلق، النّوم المتقطّع، أحلام مضطربة، تفكير شارد و حتّى رغبة في العزلة و الاعتكاف لبعض الوقت، يعجب ممّا يحدث كأنّ قلبه لم يخفق لامرأة قبلها و لم يوزّع مواعيده صباحا مساء قبل هذا، ماله يرتبك هكذا كأنّه مبتدئ و عديم خبرة في عالم النّساء ؟ قد تكون امرأة استثنائية لها سلطانها و حضورها الخاصّ و لها ما تنفرد به على باقي النّساء أو قد تكون رغبته في أن لا يخيب مرّة أخرى مع امرأة الصدفة الغريبة الصّدفة الخارقة التّي خلقت مجالا خاصّا لقصّة مجنونة يعرف بدايتها و لا يعرف نهايتها و لا يريد لها إلاّ أن تكون سعيدة، نعم ، إنّه يكره الخيبة و يمجّها،لم يعد بإمكانه تحمّل خيبة خامسة أو سادسة ،فخارطة قلبه لم تعد قادرة على تحمّل هذا و قلبه لم يعد ذلك القلب الذي عرف القصص الأولى فقدت تهرّأت صلابته و أصبح يحسب درجات خفقانه. لا يجب أن يخفق قلبه إلاّ لمن تستأهل القلب فقلب خال خير ألف مرّة من قلب خائب منكسر، هكذا كان يفكّر، عليه أن يحسب خطواته وعليه أن لا يكون هو سبب الخيبة لا قدّر الله، يجب أن يعترف أنّ سوء تقديره و تسرّعه و حتّى شبابه اليافع سابقا و الغير مقدّر لعواقب الأمور كان عنصرا من عناصر الخيبة فهو يعترف في داخله أنّه يتحمّل جزءا من الخيبة إن لم يكن كلّها في بعض قصص الحبّ الأولى ، نعم يتحمّل استخفافه ببعض الجزئيات التي كان يعتبرها بسيطة وليست ذات قيمة ثمّ يتّضح فيما بعد أنّها كانت سببا رئيسيا في قصم ظهر قصّته الجميلة،لن يكن يقصد أذيّة أو شرّا لكنّه سوء تقدير و طيش شباب و تلقائية زائدة عن اللّزوم في مجتمع تعلّم أن يحسب كلّ حركة و كلّ كلمة في علاقات اجتماعية معقّدة و سالبة لتلقائية الفرد. لم يندم في الحقيقة على هذا السّلوك رغم الخيبة المتتالية فهو يؤمن أن لا فائدة في علاقة حبّ لا تلقائية فيها و لا فائدة في علاقات عاطفيّة مبرمجة حاسوبيا مسبّقا لذلك رغم حذره و ضبط نفسه يجد نفسه يعود لتلقائيته الأولى و بديهته الموروثة كالزّاهد الذي يعود لزهده رغم ألم التعبّد.

    مادام الأرق لم يترك له مجالا للنّوم أو الحلم اللّذيذ أو حتّى الأكل سيعيد ترتيب اللّقاء من جديد بعد هذا الانتظار المرهق، هكذا بات يفكّر ليلته فلا يجب أن يتغلّب عليه شوقه لها خجله المستترّ،انتهى به الأمر إلى أنّ الشّوق لا حيلة له فيه، فلقاء بلا شوق كبيت بلا سقف أمّا خجله فيعتقد أنه سيتبدّد شيئا فشيئا مع قربه منها، قد يأخذ هذا قليلا أو كثيرا من الوقت حسب تفاصيل اللّقاء فهو أعلم بقصص اضطرابه و خجله الأول السّابقة، نعم سيعيد التّرتيب بما يجنّبه الحرج و الاضطراب سيحاول أن يتعامل مع الأحداث كما هي سيترك الأمر للصّدفة و المفاجأة السّعيدة كما سيترك الأمر للبديهة و حسن التقدير . لم يكحّل جفنه النّعاس، كان قد تعوّد على هذا بل أصبح النّوم يجلب كآبة وضيق لا حدّ له فلكي ينام يجب أن يأخذه النّعاس على حين غرّة أو عند اشتداد التّعب، النّوم رديف الموت لولا بعض أحلامه الجميلة هكذا كان يتصوّر و يعتقد فالنّوم هو السّكون و الغياب و الصمت المطبق كذلك الموت، لذلك كان لا يستسلم للنّوم إلاّ بعد صراع و غرّة .

    ثقلت ليلته و طالت و لمّا بزغ الفجر علم أنّ النّعاس لم يأخذ منه إلاّ نصف ساعة أو أقلّ مع هذا لم يشعر أبدا بالتّعب، عندما نهض من فراشه شعر أنّه بدأ يومه من جديد، قصد بيت الحمّام ليستحمّ و يغتسل ثمّ يحْلق ذقْنه و يرشّ بعض العطر الرّجالي الخفيف ليشعر بالانتعاش، عند خروجه من بيت الحمّام يكتشف أنّ أشعّة الشّمس الشّتائية الليّنة و الخفيفة اخترقت نوافذ البيت و أنّه الصّباح ، يختار قميصه الذي يناسب جمّازته و يلبس ثيابه ثمّ يصفّف شعره ثمّ يتذكّر أنّ عليه تلميع حذائه الأسود ، يتردّد لأنّه غير بارع و لا حرفي في هذه العملية، يقرّر في النّهاية أن يترك تلميع الحذاء إلى حين و صوله لوسط المدينة ليلمّعه عند الماسح الممتهن لمهارته في التّلميع بشكل يجعل الحذاء كأنّه لم يستعمل أبدا.

    يخرج من المنزل مع السّاعة الثامنة صباحا كما قرّر ليلة البارحة فلا فائدة في التعجّل، له متّسع من الوقت الشّيء الذي يجنّبه أيّ تأخير ، سوف يغيّر الطّريق الذي تراءى له أنّه سلكه ليلة المنام المزعج، سيغيّر كلّ التّفاصيل حتّى لا تتوافق مع تفاصيل ما حدث في تلك اللّيلة الشقيّة. وصل إلى وسط العاصمة بعد نصف ساعة تقريبا من خروجه، مرّ ببائع الجرائد اليوميّة، اقتنى جريدته الصباحية ثم اتّجه نحو ماسح الأحذية لتلميع الحذاء، حيّاه و جلس على الكرسيّ ثمّ حطّ ساقه على خشبة التلميع و بدأ يتابع العمليّة لعلّه يتعلّم ّسرّ حرفيّته و سرعة انجازه لكنّه للمرّة الألف يفشل في حذق الصّنعة و تعلّمها، عند ما يكمل الماسح عمله ينقر على الخشبة كإعلام بنهاية العمليّة فيناوله أجره و بعدها يقصد النّزل المجاور لتناول قهوته الصّباحية وتصفّح الجريدة. في الوقت الذي ناوله النّادل فنجان القهوة تذكّر أنه يجب عليه أن يهاتفها ، كان يجب عليه أن يفعل هذا منذ خروجه من المنزل لكن رغبته في تغيير كل تفاصيل الحلم المزعج جعله يعْدل عن هذا و يؤجّل المكالمة إلى ما بعد،لكن ما أدراه، هل كان على يقين أنّها ستأتي، هل أنّ حدسه هذا اليوم كان إيجابيا لهذا الحدّ لدرجة نفت كلّ شكّ في قدومها؟

    مرّة أخرى شعر أن حلمه لا زال يتعقّبه وهو لا يشعر حتّى و إن تظاهر باللاّمبالاة و إلاّ بماذا يفسّر تجنّبه المرور على بائع الزّهور؟ نعم لقد تخلّى مكرها عن زيارة بائع الورد بل حتّى على شراء باقة ورد أو حتّى وردة واحدة كما فعل في منامه ، كان يؤلمه أن يتخلّى عن الوردة فللوردة وقْعها الخاصّ في ذهنه فهي أجمل و أرقّ الهدايا جميعا فلا بأس لو غيّرها مثلا من الأحمر القاني إلى اللّون الأبيض السكّري حتىّ يتمازج لونها و البياض المائل للحمْرة الخفيفة لوجه حبيبته الصّبوح،لن يغيّر هذا في الأمر شيء لو فعلها ،مهمه و تردّد و في آخر الأمر تراجع نهائيا عن الفكرة وهو يلعن الحلم، قرّر في الأخير بأنّه سيعوّضها بهديّة أخرى لا تقلّ أهميّة رغم وقع الورد الحسن في قلبه.

    قد يكون تأخّر كثيرا عن مكالمتها لذلك قرّر أن يهاتفها حالاّ فالمكان مناسب و المقهى شبه خال من الروّاد و لا نرجيلة و لا قهقهة و لا حديث بصوت مرتفع للزّبائن كما يحدث في المقاهي الشّعبية فالمكان هادئ و لا تشوبه شائبة و لا تسمع إلاّ بعض النحنحات أو السّعال أو نقْر الكؤوس و راء طاولة المشْرب وهو يشعر أنه في كامل الانشراح و الهدوء، أخذ الهاتف بين أصابعه رسم أرقام هاتفها على الشّاشة ، راجع و تثبّت جيّدا في الرّقم وتثبّت ممّا لا مجال للشكّ فيه أنه لم يخطئ وأنّه سجّل الرّقم الصّحيح بعدها ضغط على زرّ الاتّصال... رنّة أولى و ثانية و ثالثة و مع كلّ رنّة يخفق قلبه و يشعر بارتباك و خوف داخلي يعتريه فجأة، يجب أن لا يطول الانتظار ، يجب عليه أن يمسح نهائيا تلك الصّورة القاتمة و ذلك الحلم المزعج، لا يجب عليه الرّجوع للمربّع الأوّل و الحلقة الصّفر، مع الرنّة الرّابعة، أجابت على المكالمة، عندها فقط تنفّس الصّعداء و كاد أن يقطع هدوء المكان و يصيح " اللّعنة... من سيخلّصني من براثن هذا الحلم ؟ " لم يدر كم من الوقت مرّ و كم طال شروده قبل أن يجيبها لدرجة أنّها أعادت مرّتين أو يزيد نداء "ألووو..." المهمّ بالنّسبة إليه أنّها نجحت في إخراجه من قعر البئر و انتشاله من غيبوبته. أجابها : ألووو... نعم...نعم...عفوا ، أنا في الاستماع... صباح الخير، هل أنت بخير؟ أجابت وهي تتجاهل اضطرابه و تأخّره عن الردّ: صباح النّور... أنا بخير طبعا، أتمنّى أن تكون كذلك، هل أنت بخير ؟ أجاب: نعم ، أنا بخير ، شكرا ...شكرا، أين أنت الآن، أقصد هل أنت في الطّريق إلى العاصمة أم لا زلت بعد لم تسافري ؟ أجابت وهي تمزح :تسألني... كأنّك على موعد معي...؟ هههههه، اطمئن، بين لحظة و أخرى أكون في الطّريق إليك ، أعتذر ،قد أكون تأخرت بعض الوقت نتيجة بعض المشاغل الطّفيفة،كان عليّ أن أكون في منتصف الطّريق أو على مشارف العاصمة، لكن لا يهمّ،قليلا من الانتظار و أكون معك حبيبي، لا تقلق ...لا تقلق، صبرنا الكثير و لم يبقى إلاّ القليل... أجابها وهو يحاول الثّبات إخفاء سروره بالخبر السّعيد كأنّه كان يشكّ في قدومها: المهمّ أن تصلي بالسّلامة، فقط سلامتك تهمّني عزيزتي ما بقي من الترقّب و الانتظار لم يعد مهّما، تمرّست عليه و أصبح جزءا منّي ، صحيح أنّه يوتّرني و يزعجني و لكن في النّهاية فإنّ الانتظار و إن طال خير من اليأس فنوافذ الانتظار مشرعة و نوافذ اليأس موصدة، بل قلْ هل لليأس نوافذ؟. أجابته: دعْ هذا لما بعد، سيكون لنا متّسع من الوقت للحديث عن اليأس و الأمل، عن الشيء و نقيضه... ستنتظرني طبعا؟ أجاب: وهل تشكّين في هذا ... و على أحرّ من الجمر ...تسلمي. قالت: سأقتل ثقل الانتظار بمطالعة كتاب في الطّريق أنا مثلك يوتّرني الترقّب، عليك أن تفعل شيئا كهذا، جرّب، جرّب قد يكون نافعا معك كما هو نافع معي، سلامتك عزيزي ...أجاب: سلامتك حبيبي، سأجرّب ولو أنني متأكد أن هذا لا ينفع فأنا أحبّذ المطالعة و أنا في حالة الهدوء التّام.

    لمّا قطع المكالمة، شعر بطيفها حوله، كأنّها أمامه تشاركه قهوته فقد انجلى الخوف من أن لا تأتي، الآن فقط خلّص نفسه من براثن الحلم المزعج و الآن فقط شعر أنّه ليس في حلم ثان، نعم هي تمام اليقظة، هاهو يتجسّس جسده و يرى الشّارع من النّافذة الكبيرة للنّزل، الكلّ في المقهى يتناول مشروبه في صمت، يشقّ هذا الصمت وقْع كعب حذاء النّادل على البساط الرّخامي للمقهى ،كم هو في حاجة لمثل هذا الهدوء ؟ لا بأس مشروب بسعر باهض لقاء الجلوس في مكان مرفّه و هادئ و نظيف، يرتشف قهوته المعصورة و الخفيفة الصّافية و يتصفّح العناوين الكبرى لينتقي أهمّ الأخبار أو الأعمدة الصّحفية "ليقتل" الانتظار بالمطالعة كما قالت حبيبته.

    في الحقيقة لم يكن هذا كاف ليخرجه من حالة ارتباك و اهتزاز تنتابه بين الحين و الآخر كلّما تذكّرها، قد يكون شعور بالرّهبة أو الخوف اللّذان لا يجد لهما تفسيرا مقنعا، قد يكون الخوف من المجهول أو ما شابه ذلك أو كلّها مجتمعة معا. يتساءل في داخله " المجهول...و أيّ مجهول؟ " هو يعرفها جيّدا، لكنّ كلّ معرفته لها كانت عبر مكالمات هاتفيّة شبه يوميّة أو لقاء عابر سابق لم يتجاوز ساعة من الزّمن،صحيح أنّه كان لقاءا حارّا و سعيدا و لكنّه لم يكن كاف ليتعرّف عليها من قرب كما يجب ، فقد بقي الكثير للاكتشاف فلا شيء يضاهي جلسة أو لقاء مباشر تتحاور فيه العيون و القلوب و الجوارح فألف مكالمة هاتفية لا تساوي لقاء واحدا و لو بساعة من الزّمن. قد يكون هذا هو التفسير الوحيد لحالة التّوتّر التي يعيشها، قد يكون ؟

    يقترب الموعد رويدا رويدا، يرنّ الهاتف يفتح زرّ السّمّاعة،تعلمه بغنجها المعتاد أنّها الآن في منتصف الطّريق و أنّ السّفرة مريحة، يداعب صوتها أذنيه و يزيده شوقا على شوق، تتدرّج حرارة جسده إلى الأعلى و تشقّه كهربة و فعل مغناطيس ، يجب أن يهدأ ، أن يخفّض من سرعة نبضات قلبه، أن يكون كما هو، كأنّ شيئا لا يحدث، لكنّ من أين له هذا، هل كان قادرا على هذا و لم يفعل؟ يتظاهر بمطالعة الجريدة و في حقيقة الأمر توقّف تفكيره تماما ولم يعد أمامه إلاّ صورتها و هي في الطّريق إليه. سيخفّض توتّره بكأس مضغوط من الجعّة المحليّة، يناوله النّادل كأسا أولى فثانية ثمّ ثالثة، يشعر بانخفاض الـتّوتّر ، يعتدل في جلسته، يطلب منه النّادل إن كان يريد كأسا رابعة فيشير له أنه يكتفي بهذا القدر فهو لن يأتي هنا ليشرب بل لضرورة الانتظار و خلوّ المكان و الهدوء المريح. يرنّ الهاتف من جديد يرفع السمّاعة ، تعلمه أنها على مشارف العاصمة وأنّها ستكون في المحطّة بعد خمسة عشرة دقيقة، تنفتح أساريره و يبتسم، أخيرا سيراها وجها لوجه و قلبا لقلب و عينا لعين، أخيرا سيكون له ما يريد و ما انتظره كالحلم،سيكونان في العشّ الدافئ ـ يأسف أنّه أفتقد الوردة، الوردة التي كم ودّ لو يهديها إيّاها كعرفان بالجميل لأيّام سعيدة حبلى بكلّ ما هو جميل منحته إيّاها في وقت كان الجدب و الحزن يطوّقانه و يضيّقان عليه المكان، يريد أن يشكرها ويقبّل يديها يريد أن يحضنها وبردّ لها القليل من هذا الجميل يريد أن تنال الحظوة التي يجب أن تنالها قد يكون هذا قليل لكنّه هذا كلّ ما يستطيعه و ما يقدر عليه.

    نهض من كرسيّه بعد أن ترك ثمن المشروبات و ما يزيد بقليل لقاء خدمة النّادل الجيّدة على الطّاولة ثمّ خرح وهو يسرع الخطى نحو المحطّة ليكون في استقبالها كما يجب و كما يليق بطائر بحري نفيس يحطّ فجأة في قلب المدينة ليشبعها بهوائه البحري و ليملأ سماءها بنشيد الحرّية و يعلّمها الطيران في الفضاء الرّحب، هذه المدينة التي تنتظر طيورها لتلملم جراحها و لكي تصدّق من أنّها خرجت لتوّها من سجنها الكبير إلى شارع الحرّية إلى الفضاء الرّحب بفعل ثورة لا تكاد تصدّقها و لا تستطيع أن تقنع بها ساكنيها لخوفها عليها، فمرحبا بك يا أيّها الطّائر البحريّ الجميل يا أيّها الطّائر الذي انتظره الحبيب و المدينة، يا أيها الطّائر الذي مكانه القلب و مخبأه المقلة...مرحبا.

    يتبع...
    التعليقات
    9 التعليقات

    مدون بلوجر

    المشاركات الشائعة