• الرئيسية
  • قصة قصيرة
  • ادب عربى وعالمى
  • رجيم وصحة
  • سياسة الخصوصية
  • تواصل معنا
  • المظلم الحالك في تاريخ اختلاط الدين بالسياسة

    عندما دخل "ثوّار" الأمّة الإسلامية السّمحاء على عثمان بن عفّان و هم يكبّرون و يهّللون كان عثمان يقرأ كتاب الله،قد يكون أخطأ عندما قدّم بني أميّة على باقي المسلمين ، قد يكون أساء التقدير، و رغم أنّه من المبشّرين بالجنّة و أحد الصّحابة المقرّبين من الرسول الكريم فقد جرّه الثوّار من لحيته ثمّ قطعوا عنقه بعد أن قطعوا أصابع زوجته التي أرادت أن تحميه من ضربة السّيف ، قتلوه بالوحشيّة اللّازمة التي تطبع المتوحّشين من غلاة الدّين ثم ذهبوا بعدها للصّلاة و الدّعوة للتراحم ...

    تلك هي إحدى قطرات الدّم الأولى من التاريخ الإسلامي المتوحّش و التي أرّخها المؤرّخون مع اختلاف في قمّة وحشيتها و أسبابها، فقد قتل قبله عمر بن الخطّاب و بعده علي بن أبي طالب ، ثمّ تفنّن الخصوم في التاريخ الإسلامي في القتل و التنكيل بإخوانهم في الدّين من المسلمين فما بالك بغير المسلمين. و لعل وحشيّة قتل عبد الله بن الزبيّر عندما رجم الحجاج الكعبة بالمنجنيق و هدّها على رؤوس المسلمين المحتمين بها لا أكبر دليل على الوحشيّة السّافرة لغلاة السّلطة و الدّين فقد قتل عبد الله بن الزبيّر و مُثّل به ثم علٌّق حتى تهرّأ جسده و نهشه الدّود و لم يقع دفنه إلاّ بعد تحلّل جسده تماما و بعد أن تدخلت أمّه لدى الحجّاج " أما آن لهذا الفارس أن يترجّل" فترجل إلى مثواه وهو شبه هيكل عظمي...كان هذا التنكيل يشفي غليل الحجّاج و أمير " المؤمنين" معاوية بن أبي سفيان و أتباعه من الأمويين.

    ثم تجري أنهار أخرى من الدّماء و لعل أشهرها قتل الحسن و الحسين أبناء بنت رسول اللّه ّ يقتل الحسين وهو يطلب ماءً لأبنه الرّضيع، يُقتل الأب و يقتل الرّضيع بعد التّكبير و التّهليل ثمّ يحمل رأسه في طبق إلى دمشق أي إلى يزيد بن معاوية. و يأتي تاريخ دمويّ أسود لبني أميّة سالت فيه دماء باسم الله و باسم الخليفة و الخلافة الإسلامية السّمحة...التّي ينادي بها غلاة الدّين اليوم و المتستّرين من أمثالهم...

    من بعد يأتي العبّاسيون بغطرستهم و تعطّشهم للدّم ، أبو مسلم الخرساني، أبو العبّاس عبد الله" السفّاح" "أنا سفّاح بني أميّة".و يبدؤون خلافتهم الإسلامية السّمحاء بنهر من الدماء بعد أن نكّلوا و صفّوا جسديا كلّ من كان من خصومهم خاصّة من بني أميّة...أثبت أصحاب "الرّايات السّود" أنّهم الأسوأ في تاريخ المسلمين لتعطّشهم للدّم الإسلامي و غيره من الدّماء الأخرى...

    وكان من بعدهم الفاطميون المنحدرون من سلالة فاطمة بنت الرّسول الذين عاقبوا سكّان شمال إفريقية و أباحوا دماءهم و نساءهم و أرزاقهم بأن أرسلوا قبائل الهمج من بني هلال و غيرهم من تلك الصّحاري القاحلة ليعيثوا فسادا في البلاد و العباد ...

    في تاريخنا الحديث يذيب "أمير المؤمنين" الحسن الثّاني المنحدر من سلالة الأنباء حسب زعمه بالمغرب الأقصى بماء النّار أحد خصومه و معارضه سياسيا و هذا كذلك لا يحدث إلاّ عندنا.

    ثم تتالت أنهار الدماء المؤرّخة و الغير مؤرّخة و التي تحفّظ المؤرخون على ذكرها إمّا خوفا من الحاكم و رجال الدّين أو انحيازا أعمى لوجهة نظر أخرى ، هي دماء لا تحصى و لا تعدّ وهو تاريخ أسود بكل المقاييس نواصل إنكاره تزييفا و مكابرة فقط لنقول أنّنا أمّة الحضارة و أنّ تاريخنا الإسلامي مشرق وهو ما لا يمكنّنا نحن العرب و المسلمين من مراجعة مفهومنا للإنسانية و الإنسان فنحن أمة تحتقر الإنسان و نكابر زيفا و ظلما و هو من جعل منّا أمّة في مؤخرة الأمم ...

    سيسيل الدّم أكثر لو تجاهلنا تارخنا الأسود في عدم التسامح و الميل إلى العدوان و حبّنا لسفك الدّماء تارة باسم الله و تارة باسم الكرسيّ و لأنّ الحاكم و رجل الدين في تاريخنا المؤلم يدّعيان دوما امتلاك الحقيقة المطلقة.

    لقد كان بشعا و مقرفا أن أشاهد الطّريقة الوحشيّة التي عامل بها " ثوّار" ليبيا معمّر القذافي بعد استسلامه إليهم ، لقد أثبتوا بهذا أنّهم ليسو أقلّ وحشيّة منه و أنهم يعادلونه عطشا للدّماء كم كانت الصّورة قاتمة وهم يسحلونه و ينادون " الله أكبر" .

    لقد فوّتوا علينا مرّة أخرى و بكلّ " امتياز" أن يرانا العالم كأمّة متحضّرة و بدأت في مراجعة مفهومها للإنسانية و لحرمة الجسد و لاحترام أسير الحرب حتّى و إن كان لا يستأهل هذا و لسيادة العدالة التي يجب ان تقول كلمتها في إجرامه و يكون عقابه من جنس عمله...

    نحن أمّة لا زالت في ظلمة التّاريخ و لا نعرف كم سيدوم هذا الظّلام ؟



    التعليقات
    29 التعليقات

    مدون بلوجر

    المشاركات الشائعة