• الرئيسية
  • قصة قصيرة
  • ادب عربى وعالمى
  • رجيم وصحة
  • سياسة الخصوصية
  • تواصل معنا
  • حالات من الإرتشاء..الرشوة الأولـــى

    لنتفق أوّلا ان الرشوة مرض عــضــال يصيب جسم المجتمع فيحيله إلى جمع من الوحـــوش الضارية التي لا تعرف قلوبها الرحمة و لا معنى لأيّ معاني المواطنة ..و الرشــــوة ضريح العدالة الأجتماعية و المفهوم الصحيح لتكافئ الفرص امام ابناء الشعب الواحد..و تستفحل الرشوة و الفساد الأجتماعي عند غياب المنابر الديمقراية الحـــــرّة و المسؤولة و التي لا تخاف بـــطــش المافيا السياسية و الأجتماعية التي تتشابك مصالحها و عصـــابات الرشوة و الإرتشاء..و الرشوة لا يقع استأصالها إلا من خلال عملية جراحية قيصرية تنتــهي عادة إمّــا بنهاية المرض أو نــهاية المريض (المجتمع) و الرشوة عدوّ الشفافية و القانون و العدالة

    وقد كنت عشت حالة الأرتشاء منذ ان نهاية طفولتي حيث مرض جدّي رحمه الله مرضا أقعده ، وبذلك اضطرّ للإستنجاد بأخيه الذي كان مهاجرا بفرنسا حيث قدم على جناح السرعة أملا في إنقاذه ، و لمّا وصل للقرية قرّر عرضه على الطبيب الذي أحاله بصفة إستعجالية لمستشفى شارل نيكول بتونس ليقع فحصه من طرف أطبّاء الإختصاص..كان كل شئ عادي ، لما فجأة أعــلن سائق ســيّارة الإسعاف الوحيدة الموجودة بمشفــى القرية ان السيّارة معطبة و لا يمكن حمل المريض ألا بعد فحصها لدى الميكانيكي بعد يومين أو ثلاثة، وقد حاول الطبيب إقناعه وثنيه لكن السائق تمسّك برأيه و قال انه لن يجازف بالسفر و السياّرة على تلك الحالة..وعبثا حاول اخو جدّي إقناعه لكنه فشل كذلك
    بعد بعض الساعات ذهب اخو جدّي و ملأ القفة لحما و غلالا و قصد بيت السائق حيث سلمه القفة و خمسة 5 دنانير و هو ما يعادل 40 دينارا اليوم أو يزيد، فجأة رأيت أسارير وجه السائق تنفرج فرحا و تحوّل بين لحظة و أخرى الى رجل خدوم وطيّب بعد ان رأيته منذ ساعات و هو عبوس و شكوس لا ترى له ابتسامة أو سرور...في الرابعة صباحا من اليوم الموالي حضرت سيّارة الإسعاف الى بيتنا الرّيفي لتحمل جدّي و أخو جدّي وقد صاحبتهم في السفرة تلك لكي أرى لأوّل مرة العاصمة بضجيجها و مبانيها العالية التي هي أعــلى من من مخزن القمح و مركز المعتمدية و محطة القطار التي كنت أظنّ انها أعلى مباني الدنيا قبل تلك السفرة

    وصلنا العاصمة بعد 3 ساعات و نصف دون توقف ودخلنا المستشفى و هناك و جدنا رجلا يلبس منديلا أبيض أظن انه الممرّض المسؤول عن تسجيل المرضى و بعد حديث طــــويــل بينه و بين سائق سيارة الإسعاف رايت اخو جدّي يسلمه كذالك بعض الورقات النقدية لأن جدي ليس له موعد مع طبيب الأختصاص وليس له دفتر عـــلاج.. وهكذا دخل جدّي للفـــحــص الطبّي في الرتبة الرّابعة بعد ان وجدنا في القاعة ما يقارب 40 مريضا قبلنا..مكن الطبيب جدي من بعض الحقن و الأدوية الأخرى التي لا أذكرها و سلمه ورقة لتجديد الموعد بعد شهرين ..ودّعنا الممرّض بكل وحه مبتهج و أغتنم جدي الفرصة كذلك ليذهب لزيارة أخته في سيلرة الإسعاف حيث تناولنا الإفطار أربعتنا عندها و قفلنا بعد الظهيرة راجعين للقرية..
    إنها حالات بدائية للإرتشاء لكنها بقيت عالقة في ذهني و لم تنمحي من مخيلتي لأنها ارتبطت بأوّل رشوة رأيتها و اوّل زيارة للعاصمة تونس..بعدها قابلت السائق العديد من المرات ..قد يكون نسي الحادثة لكن لم انساها و اتذكرها كلما مررت امام بيته و لكما قابلت أحد أبناءه..لقد توفي هذا السائق بعد وفاة جدي ببعض السنوات و لا أدري ان كان الممرّض حيّا و يكون تحت التراب

    التعليقات
    2 التعليقات

    مدون بلوجر

    المشاركات الشائعة