• الرئيسية
  • قصة قصيرة
  • ادب عربى وعالمى
  • رجيم وصحة
  • سياسة الخصوصية
  • تواصل معنا
  • الــــرّيـــشـــة


    عندما شقّ قلب الجبل شعر أنه وحيد و أن الجبل أصمّ و أخرس كانت الوحشة تغمر المكان ، و كان قلبه يدقّ كالعصفور الجريح و كان يقطع هذا الصمت عواء الذئب و بعض أصوات طيور الليل فلا شيء يدل على أن المكان عامرإلاّ من بعض حفيف الزواحف فجأة يخرج صوت من بين أشجار الفرنان، شيء يشبه الغناء، حزين ، يميل إلى الشجن ، صوت نسائي ،يقول : أيها المارّ في هذا الليل الداجن، أيّها الخائف من طيفك، ايّها المملوء وحشة أيها الرّجل الذي عاش سجين قلبه ، أنا الرّيشة أنا ريشة الطاووس ، من حملني ندم و من تركني ندم فأنت نادم لو حملتني معك و أنت نادم لو تركتني وحيدة في اللّيل . إرتعب و ارتجف من الخوف ، لكن هذا الغناء الشجيّ الحزين لم ينقطع ،بل زاد حدّة و إصرار . قتله الخوف و الرّعب ، لكنّ هذا الخوف إنقشع لينزل مكانه قرار مواجهة الواقع بعد أن إقترب من الريشة نظر إليها فوجدها كقبس من نار خافت ،فضحك من نفسه و قال : كيف لرجل مثلي أن يخاف ريشة طاووس ؟؟ . عندما قرّر مواجهة الواقع، و عندما تجاوز الرّيشة بأمتار تراجع الى الوراء ثم قرّر هكذا أن يحمل الّرّيشة ، فكيف لا يحمل الريشة و لا يجعلها تحت ملابسه، الدّاخليّة ، جمع شجاعته كلّها ، و حمل الرّيشة ، نعم حمل الرّيشة ، فقد قرّر أن يحملها معه و هو نادم خير من يتركها و نادم . إنحنى ،و مسك الرّيشة وهو يرتعش . قالت له الرّيشة : أخيرا إخترت أن تحملني...سوف تندم يا فتى..لما لا تتركني ؟؟ قال لها : لقد إخترت حملك و انا نادم خير من أن أتركك و أنا نادم. ضحكت الرّيشة و قالت له : سوف تندم . لما حمل الرّيشة إعترضه الرّاعي و قال له : أأنت من حمل الرّيشة ؟ قال : نعم ، قال له :يالك من مسكين سوف تندم .و أعترضة زارع القمح و قال له : أأنت من إختار حمل الرّيشة ؟؟ ، أجاب : نعم ، قال له سوف تندم .و اعترضه ؟ الفارس و قال له : أأنت من إختار حمل الرّيشة ؟ قال نعم ، قال له:كم أنت مسكين سوف تندم ...وهكذا كانت حكاية كل من إعترضه حتى كاد أن يقتله اليأس و كاد يندم على حمل الرّيشة . بدأ يقضم أصابعه ندما و أستبدّ به الحزن حتى كاد يغيم.بينما كان يسير إعترضته ساقية الورد و الزيتون، إمرأة وارفة كالظلّ مشرقة كالشمس ضاحكة كالربيع منعشة كالماء الصافي العذب ، نظرت إليه و قالت : أأنت من إختار حمل ريشة الطاووس ؟ قال و كيف عرفتي ؟قالت : لقد مررت على المكان الذي و جدتها فيه و لم أسمع غناء الرّيشة فعرفت أنك الرّجل الوحيد الذي قرّر حملها من دون الرجال ، لقد قتلهم الخوف من حملها إلا إيّاك . نظر إليها و كان ينتظر أن تقول له مثل البقيّة أنّه سوف يندم لكنها قالت له : إحملها و لن تندم ، فهي ريشة الطاووس التي تبكي و تضحك و تغنّي و ترقص و تعودك لو كنت مريضا و تحمل همّك في الّليل و النهار ….. شعر بفرحة تغمره و بانشراح عظيم و كان لا يعرف لماذا صدّقها دون بقية النّاس،و لماذا خالفت الجميع و بعثت في نفسه كل هذا الأمل بعد أن كاد يقتله اليأس و النّدم من حمل الرّيشة ، ومن يومها أصبح لا يفارق الرّيشة بين مكذّب للجميع و مصدّق لساقية الورد و الزيتون ، يغمسها في الحبر و يكتب ما بريد و يحتفظ بريشة الطاووس داخل القلب....دون أن يهتم هل سيندم يوما مّا على حمل الرّيشة ؟.

    التعليقات
    6 التعليقات

    مدون بلوجر

    المشاركات الشائعة