• الرئيسية
  • قصة قصيرة
  • ادب عربى وعالمى
  • رجيم وصحة
  • سياسة الخصوصية
  • تواصل معنا
  • .ز وجة الكنبطان ..الجزء الثاني



    يجب "عصر" الكنبطان ليعترف و يصرّح أين ذهب " الشيحاوي " و كيف ترك زوجته و من أرغمها أو أرغمه على الزواج منها أو منه؟؟؟؟إجتمع البورقيبيون بعد توبيخ شديد اللهجة من السلط الحزبية العليا ، بجب البحث عن الحقيقة و اثبات ان انهم ماسكون بزمام الأمور و لا تفوتهم شاردة أو واردة لإرضاء القيادة العليا . يجب تتبّع آثار كل اليوسفيين و كل من والاهم ، الوقت لم يعد فيه متسع للخطإ ....
    لكن ما دهى هذه القرية الريفية الصغيرة باليوسفيين أو البورقبيين و من قبلهم البــــــــايات ؟؟؟ الحقيقة انه ومنذ عشرات السنين عندما كانت القرية تنعم بكل الخيرات الفلاحية و المنجمية و الطرق المعبّدة و السكك الحديدية لنقل الحبوب و المواد المنجمية من طرف الإستعتمار الفرنسي، الذي بنى بدوره مدرسة منذ سنة 1920 و مشفي و كنيسة و ملعب للكرة الجديدة و مضمارللخيل و نادي للصيد...حيث بدت ملامح القرية تتبدل من قرية ريفية الى مجمع حضري محترم يشبه المدينة الصغيرة قدمت مجموعات غريبة عن القرية فنجد " الجرابة" الذين امتهنوا التجارة و بيع السلع الغذائية و نجد "الجريدية" الذي امتهنوا بيع التمور و من بعدها التدريس و تعليم الأطفال في الكتاتيب
    و باعتبار توطد العلاقة بين السكان الأصليين و الجرابة و الجريدية فقد تكونت لحمة جديدة و علاقات جديدة بين سكّان القرية وبما ان صالح بن يوسف أصيل جزيرة جربة فقد كان من الطبيعي ان يكون "الجرابة" من أنصاره ، ف"اليوسفية" كانت نتاجا لقدوم الجرابة و توطد علاقتهم بزبائنهم من القرويين الأصليين و جعلهم أنصارا لبن يوسف و اليوسفية رغم ان الصراع بين الشقين لم يظهر للمواطن العادي إلا في نهاية الخمسينات حتّى منتصف الستّينات من القرن الماضي.
    وعند قدوم "بورقيبة" للقرية إبان الإستعمار لم يكن مرحّبا به كما يجب، فقد إستقبله الناس ببرودة غير معهودة و بات ليلته في فندق متواضع جدّا وأشبه بالخربة و به مربض للدّواب حيث تكفل أحد الجزارين و مواطن آخر ذو أصول جزائرية بعشاءه ، فلم يحضى بورقيبة بإستقبال زعيم وطني معروف و قد تساءل عن سبب العزوف فلم يجبه إلا "عم الصولي" فقد قال له :" يا سي لحبيب الناس هنا يكرهون فرنسا و أنت تتحدث عن التفاوض و..... " ولم يكمل كلامه فقد فهم بورقيبة بقية الحديث.رحل بورقيبة صباحا ولم يعد للقرية إلا سنة 1975 في زيارة إستقبله فيها آلاف المواطنيين و قابلها هو بنفس الإمتعاض و التأفف الذي لقيه منذ سنين و لم يبقى بالقرية إلاّ لمدة وجيزة لا تفوت الساعة ثم قفل راجعا للكاف.
    الكنبطان صعب المراس و لايهاب أحدا بمل فيهم جماعة الحزب بشقيه البورقيبي و اليوسفي فهو يفتخر دوما انه ليس في حاجة لآحد مهما كان و مهما كانت رتبته ف"العكري" هي التي تمده براتبه بالفرنك الفرنسي وليس بالدينار المسودّ ..أصدقاءه من المحاربين القدامى الفرنسيين لا زالوا يراسلونه و لا زالوا يبعثون له بطاقات التهاني بالمناسبات الدينية الإسلامية و المسيحية و رأس السنة الميلادية و بمناسبة عيد الإستقلال الفرنسي أي في كل 14 جويلية التي يتفقد فيها كل نياشينه التي تحصل عليها إبان الحرب و بعدها ، المشكلة الوحيدة التي يعانيها هو انه لا يجيد قراءة الفرنسية على الرغم من أنه يتكلمها بطلاقة و بلكنة عربية قريبة من لهجة سكان مرسيليا،لهذا كان يسلم رسائله لآحد المدرسين القدامى ليقرأها عليه.
    قبل إختفاء "الشيحاوي"بسنتين أو يزيد توطّدت علاقته ب"الكونبطان" و أصبح يلازمه و يجالسه و حتى ينادمه خفية ، ف"الكنبطان" لا يفارقه كأسه و خمرته فبعد إكمال مشاويره يطبخ ما طاب له من الأكل و يجلس في فناء بيته ليعاقر الخمرة ، فهو الذي يقول " الرّوج ولا العربْ العوجْ" أي انه يحبّذ معاشرة الخمرة ولا معاشرة أهل القرية السيئين .لقد أقتحم عليه "الشيحاوي" وحدته القاتلة، فمنذ ان بدأ البورقيبيون تتبّع اليوسفيين بالقرية لازم "الشيحاوي" بيته و أصبح يتحاشى النّاس حتى لا ينقلوا عليه ما لم يقله و امتثالا لأوامر قيادة اليوسفيين التي أمرتهم بتجنب إستفزاز البورقبيين و تحاشي التصادم معهم لآن التيّار ليس في صالحهم. لقد توطدت علاقته بالكنبطان رغم ما كان يشوبها سابقا من توتر و خصام دائمين، فقد كان الشيحاوي يرى في الكنبطان عميلا لفرنسا و مرتزق حربي في جيشها، بينما يرى الكونبطان في "الشيحاوي" الرجل الغبي و المتوتّر و الذي أضاع شبابه سدى وراء جماعة الحزب الذي سوف يرموه كقشرة اللوز، لآن اليوسفيين و البورقبيين سواسية فكلهم لا يعترفون إلآ بالجهوية و الأقارب...توطدت العلاقة بينهما و أصبحت حميمة و لا تشوبها شائبةبعد كل هذه السنين.

    يتساءل النّاس ما سرّ تلك الليلة التي شرب فيها الكنبطان و الشيحاوي حتى الثمالة، كان ذلك بالظبط قبل أختفاء الشيحاوي بأسبوع تقريبا ، لقد شربا كما أسلفت وحضرا زفاف أحد أبناء العمدة و أنتشيا و غنّيا و ضحكا و رقصا على إيقاعات الطبل و هذا ما لم يعهده أهالي القرية فليس من عادة الكنبطان و لا الشيحاوي حضور الأعراس و الغناء العلني و الإنتشاء الفاضح ؟؟؟ فقد غنّى الشيحاوي أغنية تتحدّث عن رجل يسافر وحده و يجابه أخطارا جمّة و يفعل به العطش فعلته و تقول بعض أبيات هذه الأغنية:

    تعدّيت على الكــاف ** حافي على الأطرافْ
    و بان لي طريق تبسّة** و نصْبوا عليهْ العسّهْ
    و يا ساكنين الواد ْ ** حلـّوا الثنايا ليّــا
    ................
    تعدّيت على ملاّقْ ** و مالح و ما ينْطاقْ
    و هزّيت الماء بيديّا ** و زادْ العطشْ بــيّا
    و يا ساكنين الواد ْ ** حلّوا الثنايا عليّـــا
    ................
    الطريق الى مدينة تبسّة بالجزائر مملوءة بالحرس و العسس و هو حافي القدمين بجهة الكاف و بعدها يشقّ وادي ملاّق ويشرب منه بعد العطش فيجده مالحا و يزيد به العطش تم يطلب من سكان وادي ملاق ان يفتحوا له الطريق للإفلات من العسس و دخول القطر الجزائري ،هذا بالظبط فحوي أغنية الشيحاوي التي غنّاها منتشيا و سكرانا..إنه يصوّر قصّة هروبه .آه..لو فهمها البورقبيون لقبضوا عليه ساعتها، فلولا سكره الواضح لما تجرّأ على مثل هذه الفعلة المتهوّرة فقد كادت أغنيته ان تفضحه.

    كيف تجرّأ العمدة على إستدعاء "الشيحاوي" و هو يعرف أنه من اليوسفيين ؟؟؟و أنه محلّ مراقبة و شكّ، إنها المغامرة بعينها التي قد تكلفه عموديته، فلا يكفي أنه هو من أهدى زوجة بورقيبة هدية غنمها من ضيعة أحد المعمّرين و تتمثل في دجاجة من الفضة و إثنيْ عشرة فرخا من الذهب الخالص و لا تكفي معرفته الشخصية ببورقيبة حتى يتجرأ يفعل ما يشاء،فبورقيبة لا يتسامح مع من يشتبه في عدم موالاته له و لنهجه..

    في اليوم الموالي رفع البورقيبيون تقريرا مفصلاعن ضيوف العمدة و عن العديد من الوجوه الغريبة التي حضرت الزفاف من خارج القرية وحتى عن حضور الكنبطان المفاجئ.... ما السرّ في كل هذا ؟؟؟؟ يتبع

    التعليقات
    7 التعليقات

    مدون بلوجر

    المشاركات الشائعة